أجنحتهم في الهواء ويقفون لانتظار أمر الله إليهم ، ويزجرون الناس عن المعاصي بالإلهامات (١) ، أو الشياطين عن التعرّض لبني آدم بالشرّ والإيذاء (٢) ، أو عن استراق السمع (٣) ، أو يزجرون السّحاب للسوق من بلد إلى بلد (٤) ، ويتلون القرآن والتسبيحات.
وقيل : إنّ المراد بالصافات الطيور ، وبالزاجرات كلّ ما يردع الناس عن المعاصي ، وبالتاليات كلّ من يتلو كتاب الله (٥) .
﴿إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ * رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ * إِنَّا
زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ * وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ * لا
يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ
واصِبٌ * إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (٤) و (١٠)﴾
ثمّ ذكر سبحانه المحلوف عليه بقوله : ﴿إِنَّ إِلهَكُمْ﴾ ومعبودكم المستحقّ للعبادة ﴿لَواحِدٌ﴾ لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ ، وهو ﴿رَبُّ السَّماواتِ﴾ السبع وما فيها من الكواكب ﴿وَالْأَرْضِ﴾ وما عليها من الجبال ﴿وَما بَيْنَهُما﴾ من الملائكة والثّقلين والطيور وعجائب الخلق ، ومالكها وحافظها ومبلغها إلى الكمالات اللائقة بها ﴿وَرَبُّ الْمَشارِقِ﴾ العديدة التي تكون للكواكب ، وهي ثلاثمائة وستون بعدد أيام السنة ، وبحسبها المغارب ، ولذا اكتفى بذكرها.
ثمّ لمّا كان من أدلّة التوحيد حسن نظام العالم ، نبّه عليه بقوله : ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا﴾ والقربى منكم وحسّنا منظرها ﴿بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ﴾ والنجوم من حيث تلألؤها وأوضاعها سواء أكانت مركوزة فيها ، أو فيما فوقها من السماوات ﴿وَ﴾ حفظناها ﴿حِفْظاً﴾ كاملا ، أو لتكون حافظا ﴿مِنْ﴾ قرب ﴿كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ﴾ طاغ صاعد إليها برمي الشهب ، ولذا ﴿لا يَسَّمَّعُونَ﴾ ولا يستمعون ، أو لا يصغون ﴿إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى﴾ وجماعة الملائكة الساكنين في السماوات العلى ، المطّلعين على أسرار اللّوح المحفوظ على ما قيل (٦) .
وقيل : إنّ المراد بالملأ الأعلى أشراف الملائكة وكيفية حفظ السماء منهم (٧) ، ومنعهم عن الاستماع أنّهم يرمون بالشّهب ﴿وَيُقْذَفُونَ﴾ كما يقذف العدوّ بالحجارة ﴿مِنْ كُلِّ جانِبٍ﴾ من جوانب السماء
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٦ : ١١٤.
(٢) تفسير الرازي ٢٦ : ١١٥.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٤٤٥.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ٤٤٥.
(٥) تفسير الرازي ٢٦ : ١١٦.
(٦) تفسير روح البيان ٧ : ٤٤٩.
(٧) تفسير روح البيان ٧ : ٤٤٩.