في تفسير سورة الصافات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِراتِ زَجْراً * فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (١) و (٣)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة يس المبدوءة بذكر خاتم النبيّين صلىاللهعليهوآله وتعظيمه ورسالته المتضمّنة للتوحيد والمعاد ، المختتمة بردّ شبهة منكرية ، نظمت بعدها سورة الصافات المبدوءة بتعظيم المؤمنين بالحلف بهم ، المتضمّنة للأصلين المذكورين ، وتجليل آل يس ، وهم آل النبي صلىاللهعليهوآله بالتسليم عليهم ، فابتدأها على دأبه بقوله ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ لمّا كانت عادة العرب تأكيد الدعوى بالحلف بالامور العظيمة الشريفة المحبوبة عندهم ، حلف سبحانه بجماعات المؤمنين التالين للقرآن بقوله تبارك وتعالى : ﴿وَالصَّافَّاتِ﴾ لله أقدامهم ، والقائمات بعبادته ﴿صَفًّا﴾ محمودا عند الله ، وهو الصفّ والقيام على خط مستقيم في جماعة الصلاة ، أو في ميدان الجهاد ﴿فَالزَّاجِراتِ﴾ والجماعات الناهيات للناس عن المنكرات ، أو للشيطان عن الوساوس ، أو المانعات للكفّار عن الاستيلاء على المسلمين ﴿زَجْراً﴾ بليغا ﴿فَالتَّالِياتِ﴾ والقارئات ﴿ذِكْراً﴾ عظيم الشأن ، كالقرآن والتسبيح والتحميد والتهليل.
قيل : إنّ الفقرات الثلاث في المصلّين جماعة ؛ الصافات عند أداء الصلاة جماعة ، الزاجرات للشيطان بالاستعاذة بعد التكبير ، التاليات للقرآن بعدها (١) .
وقيل : إنّها صفات العلماء ؛ الصافات الذين يقومون منهم للدعوة إلى دين الله ، والزاجرات الذين يزجرون العوامّ عن الضلال ويدفعون شبهاتهم ، ويتلون عليهم ما يرغّبهم في العمل بشرائع الله تبارك وتعالى(٢) .
وقيل : إنّها صفات الملائكة حيث إنّهم يقفون صفوفا ، أما في السماوات لأداء العبادة (٣) ، أو يصفّون
__________________
(١و٢) تفسير روح البيان ٧ : ٤٤٥.
(٣) تفسير الرازي ٢٦ : ١١٤.