نفسي إلّا شاهدا منّي. فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا ، وبالكرام الكاتبين [ شهودا ] . فيختم على فيه ، ويقال لأركانه : انطقي ، فتنطق بأعماله ، ثمّ يخلّى بينه وبين الكلام ، فيقول : بعدا لكنّ وسحقا ، فعنكنّ كنت اناضل »(١) .
القمي ، قال : إذا جمع الله الخلق يوم القيامة ، دفع إلى كلّ انسان كتابه فينظر فيه ، فينكرون أنّهم عملوا من ذلك شيئا ، فتشهد عليهم الملائكة فيقول : يا ربّ ، ملائكتك يشهدون لك ، فيحلفون أنّهم لم يعملوا من ذلك شيئا ، وهو قول الله يوم يبعثهم الله جميعا ، فيحلفون له كما يحلفون لكم ، فاذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم ، وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون (٢) .
وفي ( الكافي ) عن الباقر عليهالسلام : « ليست الجوارح تشهد على المؤمن ، إنّما تشهد على من حقّت عليه كلمة العذاب ، فأمّا المؤمن فيعطى كتابه بيمينه ، قال الله عزوجل : ﴿فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ » (٣) .
أقول : الرواية مختصّة بالشهادة على المؤمن ، فلا ينافي ما ورد في الحديث : « أنّ الله تعالى يخاطب العبد المؤمن يوم القيامة ويقول : ما أتيت من العبادات والخيرات ؟ فيستحي المؤمن أن يعرض عباداته وحسناته ، فينطق الله جوارحه فيشهدون بحسناته وأعماله الخيرية حتى أنّ أنامله تشهد بأنّه عدّ تسبيحاته بها » (٤) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال لبعض النساء : « عليكنّ بالتسبيح والتهليل والتقديس ، واعقدن بالأنامل ، فانّهنّ مسؤلات مستنطقات »(٥) .
اقول : لا ينافي هذا لما سبق ، لأنّه شهادة له ، بل لا ينافي شهادة جوارح بعض المؤمنين عليه ، لإظهار فضله وسعة رحمته. كما ورد أنّ عبدا تشهد عليه أعضاؤه بالزلّة فتتطاير شعرة من جفن عينيه ، فتستأذن بالشهادة له ، فيقول الله : تكلّمي يا شعرة جفن عبدي ، واحتجّي عن عبدي ، فتشهد له بالبكاء من خوفه ، فيغفر له ، فينادي مناد : هذا عتيق الله بشعرة (٦).
﴿وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشاءُ
لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٦) و (٦٧)﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٤٢٥.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٢١٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥٨.
(٣) الكافي ٢ : ٢٧ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥٨ ، والآية من سورة الإسراء : ١٧ / ٧١.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ٤٢٦.
(٥) تفسير روح البيان ٧ : ٤٢٦.
(٦) تفسير روح البيان ٧ : ٤٢٥.