الذين يكونون ﴿أَصْحابَ الْجَنَّةِ﴾ وأهلها ﴿الْيَوْمَ﴾ كائنون ﴿فِي شُغُلٍ﴾ عظيم وعمل يصرفهم عن الالتفات إلى أهوال اليوم وشدائده بحيث لا يحزنهم الفزع الأكبر ﴿فاكِهُونَ﴾ ومتنعّمون بنعم الجنة ، ومتلذّذون بلذاتها ، مسرورون بما نالوا من درجاتهم.
قيل : إنّ فاكهون تفسير لشغلهم ، والمراد أنّهم شغلوا باللذّة والسرور ، لا بالويل والثبور (١) .
القمي ، قال : ﴿فِي شُغُلٍ﴾ يعني في افتضاض العذارى ﴿فاكِهُونَ﴾ قال : يفاكهون النساء ويلاعبونهنّ (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « شغلوا بافتضاض العذارى ، قال : وحواجبهنّ كالأهلّة ، وأشفار أعينهن كقوادم النّسر»(٣) .
وفي الحديث العامي : « إنّ الرجل ليعطى مائة رجل في الأكل والشرب والجماع» (٤) .
وفي الحديث : « أنّ أحدهم ليفتضّ في الغداة الواحدة مائة عذراء » (٥) .
وعن عكرمة : تكون الشهوة في اخراهنّ كالشهوة في أوّلهن ، كلّما افتضّها رجعت على حالها عذراء» (٦) .
روي أنّه جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : يا رسول الله ، أنفضي إلى نسائنا في الجنة كما نفضي إليهنّ في الدنيا ؟ قال :«والذي نفسي بيده إنّ المؤمن ليفضي في يوم واحد إلى ألف عذراء»(٧).
وقيل : إنّ الشّغل هو سماع الأصوات الطيبة والنّغمات اللذيدة (٨) .
وقيل : إنّ المؤمن إذا اشتهى سماع الغناء أرسل الله تعالى إسرافيل فيقوم إلى الجانب الأيمن من المؤمن فيقرأ القرآن ، ويقوم داود على جانبه الأيسر فيقرأ الزّبور (٩) .
وقيل : إنّ الشّغل هو التزاور ، فانّ المؤمنين يتزاورون في الجنة (١٠) .
﴿هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ * لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما
يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٦) و (٥٨)﴾
ثمّ بيّن سبحانه كمال النعمة عليهم بقوله : ﴿هُمْ وَأَزْواجُهُمْ﴾ المؤمنات الّلاتي كنّ لهم في الدنيا مستقرّون ﴿فِي ظِلالٍ﴾ وراحة أبدية ، لا يشوبها تعب ولا نصب.
قيل : أي في عزّة ومنعة (١١) ، متمكّنون ﴿عَلَى الْأَرائِكِ﴾ والسّرر المزيّنة التي تكون في الحجال
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٦ : ٩١.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٢١٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥٦.
(٣) مجمع البيان ٨ : ٦٧١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥٧.
(٤-٦) تفسير روح البيان ٧ : ٤١٤.
(٧-٩) تفسير روح البيان ٧ : ٤١٤.
(١٠) تفسير روح البيان ٧ : ٤١٥.
(١١) تفسير روح البيان ٧ : ٤١٧.