عن النبي صلىاللهعليهوآله : « أربعة مدائن من مدائن النار : أنطاكية ، وعمّورية ، وقسطنطينة ، وظفار اليمن ». قيل : إنّه بلدة قريبة من صنعاء ينسب إليها الجزع (١).
ثمّ أنّه تعالى بعد حكاية إهلاك أهل أنطاكية ، أظهر حبّه بعباده المخلوقين بقدرته بإظهار التحسّر على المكذّبين بالرّسل ، وإراءة ذاته المقدّسة كالمتحسّر عليهم مع تقدّسه عن العوارض البشرية والإمكانية بقوله : ﴿يا حَسْرَةً﴾ شديدة ﴿عَلَى الْعِبادِ﴾ المخلوقين في العالم لتحصيل العلوم والمعارف الإلهية ، وتكميل النفوس لنيل الرحمة والنّعم الدائمة احضري ، فانّ هذا الوقت الذي يصرّ العباد على الكفر وقت حضورك ، فانّهم ﴿ما يَأْتِيهِمْ﴾ من قبل الله ﴿مِنْ رَسُولٍ﴾ لهدايتهم وتعليمهم وتربيتهم لطفا بهم ورحمة عليهم ﴿إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ مع أنّ في قبولهم نصائحه واتّباعهم أوامره سعادة الدارين.
قيل : إنّ بإنشاء هذا النداء حضرت محضر الحسرة في النفوس القدسية والأوراح المجرّدة والقلوب الزاكية المطهّرة ، بل في جميع الحيوانات والنباتات والجمادات.
﴿أَ لَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد إظهار الحسرة على المكذّبين بالرّسل الذين كانوا في القرون الماضية ، وفي عصر خاتم النبيين ، أظهر العجب من عدم اعتبارهم من هلاك الامم المستهزئة بالرسل بقوله : ﴿أَ لَمْ يَرَوْا﴾ أولئك المكذّبون والمستهزئون ، ولم يعلموا علما يشابه الرؤية أنا ﴿كَمْ أَهْلَكْنا﴾ بعذاب الاستئصال ﴿قَبْلَهُمْ﴾ وفي الأعصار والأزمنة السابقة على عصرهم ﴿مِنَ الْقُرُونِ﴾ والامم المكذبة بالرسل المستهزئة بهم ؟ ! ولم يروا بعد إهلاكهم ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ﴾ في الدنيا ﴿لا يَرْجِعُونَ﴾ بل انقطعوا عن الدنيا بالكلية.
وممّا تضحك به الثكلى ما قاله إسماعيل الحقّي في ( روح البيان ) من أنّه يجب إكفار الروافض في قولهم بأنّ عليا وأصحابه يرجعون إلى الدنيا ، فينتقمون من أعدائهم ، ويملأون الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وذلك القول مخالف للنصّ ، نعم إنّ روحانية [ علي رضى الله عنه ] من وزراء المهدي في آخر الزمان على ما عليه أهل الحقائق (٢) . فانّ كلامه سخيف - لظهور فساده ، ودلالته على عدم فهمه وعدم اطلّاعه على مذهب الطائفة المحقّة الذين هم أعلى شأنا من أن يجري اسمهم على لسان هذا الصوفي العاميّ - لا بأهل للجواب.
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٣٧٧.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٣٩٠.