وفي ( المجالس ) عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « الصدّيقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول : ﴿اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ،﴾ وحزقيل مؤمن آل فرعون ، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم » (١) .
وفي ( الخصال ) عنه صلىاللهعليهوآله : « ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين : مؤمن آل يس ، وعلي بن أبي طالب ، وآسية امرأة فرعون » (٢) .
ثمّ حكى سبحانه لطفه به بعد قتله بقوله تعالى : ﴿قِيلَ﴾ له بشارة من قبل الله بأنّه من أهل الجنة ، أو إكراما ، أو إذنا : يا حبيب ﴿ادْخُلِ الْجَنَّةَ﴾ التي اعدّت للمتّقين ، فلمّا رأى كرامته على الله بتوحيده وإيمانه ﴿قالَ﴾ تمنّيا لعلم قومه بما ناله من الكرامة والنّعم الدائمة : ﴿يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ من ذنوبي ﴿وَجَعَلَنِي﴾ عنده بلطفه ﴿مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ والمتنعمين في الجنة ، فيحملهم علمهم بحالي على التوبة من الكفر ، وقبول الايمان ، والقيام بطاعة الله. في الحديث العامي : « نصح قومه حيا وميتا »(٣).
﴿وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ * إِنْ كانَتْ
إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ * يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ
رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٨) و (٣٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان إكرامه للمؤمن ، بيّن قهره على أعدائه وكيفية اهلاكهم بقوله : ﴿وَما أَنْزَلْنا﴾ إذ قتل حبيب ﴿عَلى قَوْمِهِ﴾ الذين عادوه وقتلوه ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ لإهلاكهم ﴿مِنْ جُنْدٍ﴾ وعسكر من الملائكة ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ كما أنزلنا يوم بدر واحد والخندق ﴿وَما كُنَّا﴾ ولم يكن مناسبا لقدرتنا وحكمتنا أن نكون ﴿مُنْزِلِينَ﴾ للملائكة لإهلاك قوم ونصرة نبي ، بل كان إنزال الملائكة من خصائصك وكرامتك ، بل ﴿إِنْ كانَتْ﴾ وما وجدت بأمرنا لاهلاكهم ﴿إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً﴾.
روي أنّ الله بعث جبرئيل ، فصاح عليهم صيحة ﴿فَإِذا هُمْ خامِدُونَ﴾ وميّتون ، لا يسمع لهم حسيس ، ولا ترى لهم حركة ، وكانوا كسراج اطفي بريح ، أو كنار خمدت بماء في السهولة السرعة (٤) . قيل : وقعت الصيحة في اليوم الذي قتلوه (٥) . وقيل : في الساعة التي عادوا فيها بعد قتله إلى منازلهم فرحين مستبشرين (٦). وقيل : في اليوم الثالث من قتله (٧) .
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥٦٣ / ٧٦٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥٠.
(٢) الخصال : ١٧٤ / ٢٣٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥٠.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٣٨٧.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ٣٨٨.
(٥) تفسير روح البيان ٧ : ٣٨٩.
(٦) تفسير روح البيان ٧ : ٣٨٩.
(٧) تفسير روح البيان ٧ : ٣٨٨.