قائمة الکتاب
إعدادات
نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]
نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]
تحمیل
خفية على خوف من عتاة ملّته ، وأصرّ قومه على الكفر ، فرجموا الرّسل بالحجارة ، وقالوا : إنّ كلمتهم واحدة ، وقتلوا حبيب النجّار وأبا الغلام الذي أحيي لأنّه أيضا كان قد آمن (١) . وقيل : إنّ الملك أيضا أصر [ على ] كفره (٢) .
عن القمي رحمهالله ، عن الباقر عليهالسلام : أنّه سئل عن تفسير هذه الآية ، فقال : « بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية ، فجاءهم بما لا يعرفون ، فغلّظوا عليهما ، فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام ، فبعث الله الثالث ، فدخل المدينة فقال : أرشدوني إلى باب الملك ، فلمّا وقف على الباب قال : أنا رجل كنت أتعبّد في فلاة من الأرض ، وقد أحببت أن أعبد إله الملك ، فأبلغوا كلامه الملك ، فقال : أدخلوه إلى بيت الآلهة. فأدخلوه ، فمكث سنة مع صاحبيه ، فقال لهما : أينقل من دين إلى دين بالخرق ، أفلا رفقتما ؟ ثمّ قال لهما : لا تقرّان بمعرفتي.
ثمّ ادخل على الملك ، فقال له الملك : بلغني أنّك كنت تعبد إلهي ، فلم أزل وأنت أخي فسلني حاجتك فقال : مالي حاجة أيّها الملك ، ولكن رأيت رجلين في بيت الآلهة ، فما حالهما ؟ فقال الملك : هذا رجلان أتياني ببطلان ديني ، ويدعواني إلى إله سماويّ. فقال : أيها الملك فمناضرة جميلة ، فان يكن الحق لهما اتبعناهما ، وإن يكن الحقّ لنا دخلا معنا في ديننا ، وكان لهما ما لنا ، وعليهما ما علينا.
فبعث الملك إليهما ، فلمّا دخلا عليه ، قال لهما صاحبهما : ما الذي جئتما به ؟ قالا : جئنا ندعو إلى عبادة الله الذي خلق السماوات والأرض ، ويخلق في الأرحام ما يشاء ، ويصوّر كيف يشاء ، وأنبت الأشجار والثمار ، وأنزل القطر من السماء.
فقال لهما : إلهكما هذا الذي تدعوان إليه وإلى عبادته ، إن جئنا بأعمى يقدر أن يردّه صحيحا ؟ قالا : إن سألناه أن يفعل فعل إن شاء. قال : أيّها الملك عليّ بأعمى لم يبصر شيئا قطّ. فأتي به ، فقال لهما : ادعوا إلهكما أن يردّ بصر هذا. فقاما وصلّيا ركعتين ، فاذا عيناه مفتوحتان ، وهو ينظر إلى السماء. فقال : أيّها الملك عليّ بأعمى آخر. فاتي به فسجد سجدة ، ثمّ رفع رأسه ، فاذا الأعمى يبصر.
فقال : أيّها الملك حجّة بحجّة. عليّ بمقعد. فاتي به ، فقال لهما مثل ذلك ، فصلّيا ودعوا الله ، فاذا المقعد قد أطلقت رجلاه وقام يمشي ، فقال : أيّها الملك ، عليّ بمقعد آخر فاتي به ، فصنع به كما صنع أوّل مرّة ، فانطلق المقعد ، فقال : أيّها الملك ، قد أتيا بحجّتين ، وأتينا بمثلهما ، ولكن بقي شيء آخر ، فان كانا فعلاه دخلت معهما في دينهما ، ثمّ قال : أيّها الملك ، بلغني أنّه كان لك ابن واحد ومات ، فان
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٣٧٨.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٣٨٠.