لجميع الأشياء والامور ، وهو اللّوح المحفوظ. قيل : سمّي إماما لأن الملائكة يتّبعونه ويعملون به (١) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنا والله الامام المبين ، أبيّن الحقّ من الباطل ، ورثته من رسول الله صلىاللهعليهوآله» (٢) .
وعن ( الاحتجاج ) : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله - في حديث - قال : « معاشر الناس ، ما من علم إلّا علّمنيه ربّي ، وأنا علّمته عليا ، وقد أحصاه الله فيّ ، وكلّ علم علمته أحصيته في إمام المتقين » (٣) .
وعن الباقر ، عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام قال : « لمّا نزلت الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله قام أبو بكر وعمر من مجلسيهما ، وقالا : يا رسول الله ، هو التوراة ؟ قال : لا. قال : هو الإنجيل ؟ قال : لا. قال : فأقبل أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هو هذا ، إنّه الإمام الذي أحصى الله فيه علم كلّ شيء» (٤) .
﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ
اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ * قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ
بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٣) و (١٥)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان أنّ محمدا صلىاللهعليهوآله من المرسلين ، وأن وظيفته إنذار قومه ، وأنّ طائفة منهم لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ، وطائفة منهم يؤمنون به ويفيد الانذار لهم فلنشملهم الرحمة والمغفرة ، أمره سبحانه أنّ يذكر لقومه قصّة الرّسل المبعوثين إلى بلدة إنطاكية ، وتطابق حالهم وحال قومهم لحاله وحال قومه بقوله : ﴿وَاضْرِبْ﴾ يا محمّد ، وأذكر عند قومك ، وبيّن ﴿لَهُمْ﴾ لتوضيح حالك وحالهم ، ولطف الله بك وقهره على أعدائك ﴿مَثَلاً﴾ وقصة عجيبة هي في الغرابة كالمثل ، وأعني بها ﴿أَصْحابَ الْقَرْيَةِ.﴾
قيل : إنّ التقدير مثل أصحاب القرية التي كانت بالرّوم تسمّى أنطاكية (٥)﴿إِذْ جاءَهَا﴾ وحين دخلها ﴿الْمُرْسَلُونَ﴾ والمبعوثون من قبل الله ، أو من قبل عيسى الذي كان مبعوثا ورسولا من الله.
ثمّ بيّن سبحانه كيفية مجيئهم إليها بقوله : ﴿إِذْ أَرْسَلْنا﴾ أولا ﴿إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ﴾ من الرسل يدعوانهم إلى التوحيد والايمان بشريعة عيسى عليهالسلام ﴿فَكَذَّبُوهُما﴾ في دعوى الرسالة والتوحيد ﴿فَعَزَّزْنا﴾ هما وقوّيناهما ﴿بِثالِثٍ﴾ من الرسل يقال له شمعون الصفا ، وكان وصيّ عيسى عليهالسلام بعد رفعه إلى السماء ﴿فَقالُوا﴾ جميعا لأهل القرية : يا أهل القرية ﴿إِنَّا إِلَيْكُمْ﴾ من جانب الله ﴿مُرْسَلُونَ﴾ فأنكروا رسالتهم ، و﴿قالُوا﴾ في جوابهم : ﴿ما أَنْتُمْ﴾ أيها المدّعون للرسالة ﴿إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا﴾ تأكلون الطعام
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٦ : ٥٠.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٢١٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٤٧.
(٣) الاحتجاج : ٦٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٤٧.
(٤) معاني الأخبار : ٩٥ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٤٧.
(٥) تفسير روح البيان ٧ : ٣٧٧.