قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    تحمیل

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    249/662
    *

    وفي الآخر : « المكر والخديعة في النار» (١) .

    روي أنّ قريشا بلغهم قبل مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ أهل الكتاب كذّبوا رسلهم ، فقالوا : لعن الله اليهود والنصارى ، أتتهم الرسل فكذّبوهم ، وحلفوا كما حكى الله عنهم (٢) .

    ثمّ هددهم سبحانه بقوله : ﴿فَهَلْ﴾ المشركون ﴿يَنْظُرُونَ﴾ وينتظرون ﴿إِلَّا سُنَّتَ﴾ الله في الامم ﴿الْأَوَّلِينَ﴾ وطريقته المألوفة الجارية في المكذبين السابقين وماكريهم بالنبيين من تعذيبهم وإهلاكهم ﴿فَلَنْ تَجِدَ﴾ يا محمد ، أو يابن آدم ﴿لِسُنَّتِ اللهِ﴾ وطريقة معاملته مع أعدائه وأعداء رسله ﴿تَبْدِيلاً﴾ بأن يعفو عن المكذّبين الماكرين الذين كان بناؤه على تعذيبهم ﴿وَلَنْ تَجِدَ﴾ أبدا ﴿لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً﴾ ونقلا لعذابه من المكذّبين إلى غيرهم ، ومن المستحقّين إلى من عداهم ، وعدم وجدانهما دليل على عدم وجودهما.

    ﴿أَ وَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا

     أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ

     كانَ عَلِيماً قَدِيراً * وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ

     دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ

     بَصِيراً (٤٤) و (٤٥)

    ثمّ استشهد سبحانه على سنّته السابقة في الامم بالآثار الباقية من المعذّبين الماضين بقوله : ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا﴾ قيل : إنّ التقدير أقعد المشركين في منازلهم (٣) ولم يسافروا ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ ولم يذهبوا إلى الشام واليمن والعراق للتجارة أو غيرها ﴿فَيَنْظُرُوا﴾ بنظر الاعتبار إلى الديار الخربة التي بقيت من الامم المهلكة ، فيعلموا ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ﴾ تكذيب الامم ﴿الَّذِينَ﴾ عتوا على الله وكذّبوا الرّسل ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ كعاد وثمود وقوم سبأ ؟ ﴿وَ﴾ الحال أنّهم ﴿كانُوا﴾ في حياتهم ﴿أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ فما أغنى عنهم شدّة القوى وعظمة الأجساد وطول الأعمار ، مع أنّهم لم يكذّبوا مثل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ﴿وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ﴾ عن إنفاذ إرادته وتعذيب أعدائه ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ كائن ﴿فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ﴾ ولم يفته ، فهؤلاء أولى بأن لا يعجزوه ولا يفوتوه ﴿إِنَّهُ﴾ تعالى ﴿كانَ عَلِيماً﴾ بأعمالهم وعقائدهم الفاسدة وأخلاقهم الرذيلة ﴿قَدِيراً﴾ على تعذيبهم وإهلاكهم.

    __________________

    (١) تفسير روح البيان ٧ : ٣٦١.

    (٢) تفسير أبي السعود ٧ : ١٥٦ ، تفسير روح البيان ٧ : ٣٦٠.

    (٣) تفسير أبي السعود ٧ : ١٥٧ ، تفسير روح البيان ٧ : ٣٦٢.