قال المفسرون من العامة : إنّ المراد من المصطفين في الآية جميع الامّة (١) . ورووا عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه لمّا نزلت هذه الآية فرح فرحا شديدا وقال ثلاثا : « امّتي وربّ الكعبة » (٢) .
واختلفت أقوالهم في المراد من الفرق الثلاث ؛ قيل : الظالم من رجحت سيئاته حسناته ، والمقتصد من تساويا ، والسابق من رجحت حسناته (٣) . وقيل : الظالم هو الموحّد غير المطيع ، والمقتصد : هو الموحّد المطيع ، والسابق : هو الموحّد الذي لا يتوجّه إلى غير الله (٤) . وقيل : الظالم هو المرتكب للكبائر ، والمقتصد هو المرتكب للصغائر ، والسابق هو المعصوم (٥) . وقيل : الظالم أصحاب المشأمة ، والمقتصد أصحاب الميمنة ، والسابق بالخيرات (٦) ، السابقون المقربون (٧) ، إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة.
وفي روايات أهل البيت عليهمالسلام : أنّ المراد من المصطفين الذين أورثوا الكتاب أولاد عليّ وفاطمة عليهماالسلام (٨) . وفي بعضها : المراد من الظالم من لا يعرف الإمام ، ومن المقتصد العارف به ، ومن السابق الإمام ، كما عن الباقر (٩) والصادق (١٠) والرضا (١١) والعسكري (١٢) عليهمالسلام.
وفي بعضها : المراد من الظالم من استوت حسناته وسيئاته ، ومن المقتصد العابد لله حتى يأتيه اليقين ، ومن السابق من دعا إلى سبيل ربّه ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، ولم يكن للمضلّين عضدا ، ولا للخائنين خصيما ، ولم يرض بحكم الفاسقين إلّا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد أعوانا ، كما عن الصادق عليهالسلام (١٣) .
وعن الباقر عليهالسلام : « أمّا الظالم لنفسه هاهنا من عمل صالحا وأخّر سيئا ، وأما المقتصد فهو المتعبّد المجتهد ، وأمّا السابق بالخيرات فعليّ والحسن والحسين ومن قتل من آل محمد عليهمالسلام شهيدا »(١٤).
﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها
حَرِيرٌ * وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ *
الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٧ : ١٥٣ ، تفسير روح البيان ٧ : ٣٤٦.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٣٤٧.
(٣) تفسير الرازي ٢٦ : ٢٤.
(٤و٥) تفسير الرازي ٢٦ : ٢٥.
(٦) زاد في النسخة : والسابقون.
(٧) تفسير الرازي ٢٦ : ٢٥.
(٨) بصائر الدرجات : ٦٥ / ٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٨.
(٩) الكافي ١ : ١٦٧ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٨.
(١٠) الكافي ١ : ١٦٧ / ٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٨.
(١١) الكافي ١ : ١٦٧ / ٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٨.
(١٢) الخرائج والجرائح ٢ : ٦٨٧ / ٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٨.
(١٣) معاني الأخبار : ١٠٥ / ٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٩.
(١٤) مجمع البيان ٨ : ٦٣٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٩.