ثمّ عاد سبحانه
إلى الاستدلال على قدرته وعلمه الموقوف عليهما المعاد بقوله : ﴿وَاللهُ﴾ هو القادر الذي ﴿خَلَقَكُمْ﴾ أولا ﴿مِنْ تُرابٍ﴾ بخلق أبيكم آدم منه ﴿ثُمَ﴾ خلق ذرّيته ﴿مِنْ نُطْفَةٍ﴾ وماء يخرج من بين الصّلب والترائب ﴿ثُمَّ
جَعَلَكُمْ﴾ يا بني آدم ﴿أَزْواجاً﴾ وأصنافا كالأسود والأبيض والأحمر والذّكر والانثى ﴿وَما
تَحْمِلُ﴾ ولا تحبل ﴿مِنْ أُنْثى﴾ ومرأة ﴿وَلا تَضَعُ﴾ حملها ﴿إِلَّا﴾ حال كونها ملتبسة ﴿بِعِلْمِهِ﴾ تعالى ، وتابعة لمشيئته ، يعلم مكان حملها ووضعها
ووقتهما ، وأحوال طفلها من الذكورة والانوثة والنقص والتمام وغير ذلك ﴿وَما
يُعَمَّرُ﴾ ولا تطول حياة ﴿مِنْ مُعَمَّرٍ﴾ وطويل الحياة ﴿وَلا يُنْقَصُ مِنْ﴾ مدّة حياة أحد على حسب الاقتضاء الأول و﴿عُمُرِهِ﴾ لعروض المانع ﴿إِلَّا﴾ أنّه مكتوب ﴿فِي كِتابٍ﴾ ولوح محفوظ عند الله يقرأه الملائكة المقرّبون والنفوس
القدسية المتصلة باللّوج المحفوظ ﴿إِنَّ ذلِكَ﴾ المذكور من خلقكم من تراب إلى آخر ما في الآية ، أو من
ثبت زيادة الأعمار ونقصها في الكتاب ﴿عَلَى اللهِ﴾ القادر على كلّ شيء الغني في أفعاله عن الأسباب ﴿يَسِيرٌ﴾ وسهل.
قال جمع : أنّ
عمر شخص واحد لا يزيد ولا ينقص ، والحقّ أنّ لكلّ أحد بمقتضى الحكمة الأولية مع
قطع النظر عن العوارض والطوارئ أجلا معينا مكتوبا في لوح المحو والإثبات ، ثمّ تلك
الحكمة تتغيّر بالعوارض ، فقد يعرض أمر يقوّي مقتضى البقاء وزيادة الحياة ، ويغيّر
المصلحة الأولية ، فيزيد في العمر ، وقد يعرض أمر مقتضى لنقص لنقصه ، ويسمى ذلك
بالأجل المعلّق ، ولا يموت أحد به ، ومن المعلوم أنّ الله من أوّل الخلق عالم
بالمصلحة الأولية وعروض العوارض ووقوع الموت في أي وقت وأي ساعة بلا تأخّر ولا
تقدّم ، ويسمى ذلك بالأجل الحتمي ، ولا يبقى أحد بعد بلوغه ، ولا يعقل البداء لله.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « الصدقة وصلة الرّحم تعمّران البلاد ، وتزيدان في
الأعمار» .
وعنه عليهالسلام : « برّ الوالدين يزيد في العمر» .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « إنّ المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره إلّا ثلاثة
أيام ( أو ثلاث سنين ) فينسئه (فيزيده) الله إلى ثلاثين سنة ، وإنّه ليقطع رحمه
وقد بقي من عمره ثلاثون سنة ، فيردّه الله إلى ثلاثة أيام » .
وعن الصادق عليهالسلام : « ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلّا صلة الرّحم حتى
إنّ الرجل يكون أجله ثلاث
__________________