روي أنّ صنفا من الملائكة لهم ستة أجنحة ، بجناحين منها يلفّون أجسادهم ، وبآخرين منها يطيرون فيما امروا به ، وجناحان منها مرخيان على وجوههم حياء من الله (١) .
ولعلّ كثرة بعد مقامهم من الأرض من موجبات كثرة أجنحتهم ، روت العامة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه رأى جبرئيل ليلة المعراج وله ستمائة جناح اثنان منها يبلغان من المشرق إلى المغرب (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام ، قال : « خلق الله الملائكة مختلفة ، وقد رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله جبرئيل وله ستمائة جناح » الخبر (٣) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه رأى جبرئيل ليلة المعراج وله ستمائة ألف جناح (٤) .
وعنه عليهالسلام : « أنّ لله تعالى ملكا يقال له دردائيل ، كان له ستة عشر ألف جناح » (٥) إذن تحمل الآية وما عن النبي صلىاللهعليهوآله - من أنّ الملائكة على ثلاثة أجزاء ، جزء له جناحان ، وجزء له ثلاثة أجنحة ، وجزء له أربعة أجنحة (٦) - على بيان وجود هذه الأصناف فيهم ، لا إرادة الحصر فيها.
﴿إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ في ( التوحيد ) عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه سئل عن قدرة الله عزوجل ، فقام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « إنّ لله تبارك وتعالى ملائكة لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته لعظم خلقه وكثرة أجنحته ، ومنهم من لو كلّفت الجنّ والإنس أن يصفوه ما وصفوه ، لبعد ما بين مفاصله ، وحسن تركيب صورته ، وكيف يوصف من ملائكتة من سبعمائة عام ما بين منكبيه وشحمة اذنيه ، ومنهم من يسدّ الافق ، بجناح من أجنحته دون عظم بدنه ، ومنهم من السماوات إلى حجزته ، ومنهم من قدمه على غير قرار في جوّ الهواء الأسفل والأرضون إلى ركبتيه ، ومنهم من لو ألقي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها ، ومنهم من لو القيت السفينة في دموع عينيه لجرت دهر الداهرين ، فتبارك الله أحسن الخالقين »(٧) .
واعلم أنّ الروايات دالّة على كون الملائكة أجساما لطيفة في غاية الكثرة ، فلا يجوز إنكاره وإنكار وجود الأجنحة لهم ، أو تأويل الجناح بالجملة ، كما حكى عن جماعة أنّهم قالوا : إنّ الملائكة له وجه إلى الله يأخذون منه نعمه ، ويعطون من دونهم ممّا أخذوه بإذن الله ، كما قال تعالى : ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ﴾(٨) وقوله : ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى﴾(٩) وقال تعالى في حقّهم : ﴿فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً﴾(١٠)
__________________
(١و٢) تفسير أبي السعود ٧ : ١٤١ ، تفسير روح البيان ٧ : ٣١٣.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٢٠٦ ، تفسير روح البيان ٤ : ٢٢٩.
(٤) تفسير الصافي ٤ : ٢٢٩.
(٥) كمال الدين : ٢٨٢ / ٣٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٢٩.
(٦) الكافي ٨ : ٢٧٢ / ٤٠٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٢٩.
(٧) التوحيد : ٢٧٨ / ٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٠.
(٨) الشعراء : ٢٦ / ١٩٤.
(٩) النجم : ٥٣ / ٥.
(١٠) النازعات : ٧٩ / ٥.