﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ
فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قُلْ لا تُسْئَلُونَ
عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ
يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ
بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٤) و (٢٦)﴾
ثمّ قرّر
سبحانه عدم مالكية الأصنام شيئا بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد ، تبكيتا للمشركين : أيّها المشركون ﴿مَنْ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ﴾ بإنزال الأمطار ﴿وَالْأَرْضِ﴾ باخراج النباتات ولا تنتظر الجواب منهم ، و﴿قُلْ﴾ يرزقكم ﴿اللهُ﴾ لأنّهم لا ينكرونه بقلوبهم ، وإن لم يقرّوا باللسان
خوفا من الإلزام ، ثمّ دارهم في المجادلة ، ولا تنسبهم إلى الضلال بالصراحة ، بل
قل : ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى﴾ مركّب ﴿هُدىً﴾ ورشاد ، نسير به إلى المقصد الأعلى ﴿أَوْ﴾ منغمر ﴿فِي ضَلالٍ﴾ وانحراف ﴿مُبِينٍ﴾ وواضح عن الحقّ.
ثمّ بالغ في
الإنصاف والمداراة معهم ﴿قُلْ﴾ أنتم أيّها المشركون ﴿لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا﴾ ولا تؤاخذون بذنوبنا ﴿وَ﴾ نحن ﴿لا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ من عمل سوء ، وفي نسبة الاجرام إلى نفسه واتباعه والعمل
إلى الخصم ، حطّ النفس ، وحفظ الخصم عن التعصّب المانع عن النظر مع كون الجملتين
باعثتين إليه.
ثمّ أمر سبحانه
بالمبالغة في الحثّ على النظر والتفكّر بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهم : اعلموا أنّه ﴿يَجْمَعُ
بَيْنَنا﴾ وبينكم يوم القيامة ﴿رَبُّنا﴾ حين الحشر للحساب ﴿ثُمَّ يَفْتَحُ﴾ ويحكم ﴿بَيْنَنا﴾ وبينكم ﴿بِالْحَقِ﴾ بعد ظهور حال كلّ منّا ومنكم ، بأن يدخل المحقّين
الجنّة ، والمبطلين النار ، فانّ الله أعلم بالحقّ والباطل ﴿وَهُوَ
الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ﴾ بما يحقّ أن يحكم به ، وبمن يحكم له ومن يحكم عليه ،
كما أنّه عليم بغيرها من الأمور.
﴿قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ
بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَما
أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ
بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٧) و (٢٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى
بعد إثبات عجز الأصنام عن أن يضرّوا أو ينفعوا ، بيّن عدم وجود كمال فيها يوجب
استحقاقها العبادة بقوله : ﴿قُلْ﴾ أيّها المشركون ﴿أَرُونِيَ﴾ الأصنام ﴿الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ﴾ إيّاهم ﴿بِهِ﴾ تعالى من حيث كونهم ﴿شُرَكاءَ﴾ له تعالى في الالوهية ، لأنظر بأيّ صفة ألحقتموهم بالله
الذي ليس كمثله شيء ، وجعلتموهم شركاء له ، هل يخلقون أو يرزقون ؟ ﴿كَلَّا﴾ ليس لهم ما يجب أن يكون في
__________________