الإله والمعبود ﴿بَلْ﴾ المعبود بالحقّ والإله المستحقّ للعبادة ﴿هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ والغالب القاهر ، والعالم بجميع الامور ، فأين شركاؤكم التي هي أخسّ الأشياء وأذلّها من هذه المرتبة العالية ودرجة الالوهية.
ثمّ أنّه تعالى بعد إبطال الشّرك وإثبات التوحيد ، بيّن صدق رسالة الرسول إلى عامة الناس بقوله : ﴿وَما أَرْسَلْناكَ﴾ يا محمّد برسالة ﴿إِلَّا﴾ رسالة تكون ﴿كَافَّةً﴾ وعامة أو شاملة ﴿لِلنَّاسِ﴾ كلّهم إلى يوم القيامة ، أو المراد ما أرسلناك في حال من الأحوال إلّا حال كونك جامعا لهم في التبليغ بحيث لا يخرج منهم أحد ، كما في الحديث : « فضّلت على الأنبياء بستّ - إلى أن قال - : وارسلت إلى الخلق كافة » (١) .
وعن السجاد عليهالسلام : « أنّ أبا طالب قال للنبيّ صلىاللهعليهوآله : يابن أخ ، إلى الناس كافة ارسلت ، أم إلى قومك خاصة ؟ قال : لا ، بل إلى الناس أرسلت كافة ، الأبيض والأسود ، والعربي والعجميّ ، والذي نفسي بيده لأدعونّ إلى هذا الأمر الأبيض والأسود ، ومن على رؤوس الجبال ، ومن في لجج البحار» (٢).
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله أعطى محمدا شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى - إلى أن قال - : وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود ، والجنّ والإنس » (٣). ﴿بَشِيراً﴾ للمؤمنين بالثواب ﴿وَنَذِيراً﴾ للكافرين بالعقاب ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ لغفلتهم وإنهماكهم في الشهوات وتركهم النظر في دلائل صدق محمد صلىاللهعليهوآله ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ منصبه الرفيع ، وعظم نعمة رسالته حتى يؤمنوا به ، ويشكروا هذه النعمة ، فيحملهم الجهل على مخالفته وعصيانه.
﴿وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ
عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ * وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا
بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى
بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ
* قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ
جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ
اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٢٩٤ و٢٩٥.
(٢) تفسير الصافي ٤ : ٢٢٠.
(٣) الكافي ٢ : ١٤ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٢٠.