﴿جَنَّتَيْنِ﴾ اخريين ﴿ذَواتَيْ أُكُلٍ﴾ وثمر ﴿خَمْطٍ وَ﴾ مرّ ، وشجر ﴿وَأَثْلٍ﴾ يقال له طرفاء ، ولا ثمر له ﴿وَشَيْءٍ مِنْ﴾ شجر ﴿سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾.
قيل : توصيف السّدر بالقلّة ، لكون ثمره - وهو النّبق - ممّا يطيب أكله (١).
وقيل : إنّ السّدر صنفان : صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد ، وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل أصلا ، وهو البرّي الذي يقال له الضالّ ، والمراد ها هنا هو الثاني ، فكان شجرهم من خير شجر ، فصيّره الله من شرّ شجر بسبب أعمالهم القبيحة (٢).
﴿ذلِكَ﴾ التبديل ، أو الجزاء الفضيع ﴿جَزَيْناهُمْ﴾ لا جزاء آخر ﴿بِما كَفَرُوا﴾ نعمتنا وبسبب تركهم شكرها ، أو بسبب كفرهم بالله ورسله ﴿وَهَلْ نُجازِي﴾ بسلب النعمة ووضع ضدّها مكانها ﴿إِلَّا الْكَفُورَ﴾ والمصرّ في ترك الشكر ، لا والله لا نجازي به غيره.
وقيل : كلمة ( هل ) هنا للنفي (٣).
﴿وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ
سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ * فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ
صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٨) و (١٩)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذكر النّعم التي كانت لهم في بلدهم وكفرانها ، ذكر النعمة الخارجة وكفرانهم بقوله : ﴿وَجَعَلْنا﴾ وأوجدنا مضافا إلى ما آتيناهم من النّعم في مساكنهم ﴿بَيْنَهُمْ﴾ وفي المسافة التي بين بلادهم اليمنية ﴿وَبَيْنَ الْقُرَى﴾ والبلاد الشامية ﴿الَّتِي بارَكْنا﴾ وأكثرنا النّعم ﴿فِيها﴾ بالمياه الكثيرة ، والأشجار المثمرة ، والخصب والسّعة في المعيشة للأغنياء والفقراء ، كفلسطين وأريحا والأردنّ.
والقمي ، قال : هي مكّة (٤) .
﴿قُرىً ظاهِرَةً﴾ ومتواصلة يرى بعضها من بعض.
قيل : كان بين سبأ والشام أربعة آلاف وسبعمائة قرية (٥) ، أو ظاهرة للمسافر بكونها على الطريق غير
__________________
(١) تفسير البيضاوي ٢ : ٢٥٩ ، تفسير روح البيان ٧ : ٢٨٤.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٢٨٤.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٢٨٤.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٢٠١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢١٦.
(٥) تفسير روح البيان ٧ : ٢٨٥.