اليوم ، فبإذن من دخلت ؟ قال الشابّ : أدخلني هذا القصر ربّه ، وبإذنه دخلت. فقال : ربّه أحقّ به مني ، فمن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت. قال : فيما جئت ؟ قال : جئت لأقبض روحك. قال : امض لما امرت به ، فهذا يوم سروري ، وأبي الله عزوجل أن يكون لي سرور دون لقائه.
فقبض ملك الموت روحه وهو متّكيء على عصاه ، فبقي سليمان عليهالسلام متّكئا على عصاه وهو ميت ما شاء [ الله ] والناس ينظرون إليه ، ويقدّرون أنّه حيّ ، فافتتنوا فيه واختلفوا ، فمنهم من قال : قد بقي سليمان متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة لم يتعب ولم ينم ، ولم يأكل ولم يشرب ، إنّه لربّنا الذي يجب علينا أن نعبده. وقال قوم : إنّه ساحر ، وإنّه يرينا أنّه واقف متّكيء على عصاه بسحر أعيننا - إلى أن قال - : فلمّا اختلفوا بعث الله عزوجل الأرضة ، فدبّت في عصاه ، فلمّا أكلت جوفها انكسرت ، وخرّ سليمان من قصره ». الخبر (١) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّه عاش سليمان سبعمائة واثنتي عشرة سنة » (٢) .
﴿لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ
وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ
وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ *
. ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (١٥) و (١٧)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه لطفه بالمنيبين الشاكرين ، ذكر نقمته على الكافرين بقوله : ﴿لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ﴾ وهم قبيلة في اليمن يدعون باسم أبيهم سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ سبأ رجل من العرب ، ولد عشرة » الخبر (٣) .
﴿فِي مَسْكَنِهِمْ﴾ ومحلّ إقامتهم ، وهو مدينة مأرب باليمن ، بينها وبين صنعاء ثلاث مراحل ﴿آيَةٌ﴾ عظيمة ، ودلالة واضحة على وجود الصانع الحكيم اللطيف بعباده ، وهي جنان كثيرة متّصلة بعضها ببعض بحيث تعدّ ﴿جَنَّتانِ﴾ أحدهما ﴿عَنْ يَمِينٍ﴾ من المدينة ﴿وَ﴾ الاخرى عن ﴿شِمالٍ﴾ منها.
وقيل : يعني لكلّ مسكن ودار جنّتان عن يمينها وشمالها (٤) .
وقال لهم ربّهم بلسان نبيّهم أو بلسان الحال : يا قبيلة سبأ ﴿كُلُوا﴾ وانتفعوا ﴿مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ﴾ ونعمه
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٦٥ / ٢٤ ، علل الشرائع : ٧٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٢١٤.
(٢) كمال الدين : ٥٢٤ / ٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢١٥.
(٣) مجمع البيان ٨ : ٦٠٤ ، تفسير الصافي ٤ : ٢١٥.
(٤) تفسير أبي السعود ٧ : ١٢٧ ، تفسير روح البيان ٧ : ٢٨١.