قيل : كان المعدن باليمن (١) .
والقمي قال : عين الصّفر (٢) .
﴿وَ﴾ كان ﴿مِنَ﴾ طائفة ﴿الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ﴾ له أعمالا عجيبة ﴿بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ وفي منظره ومرآه ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ وبأمره ﴿وَمَنْ يَزِغْ﴾ ويعدل ﴿مِنْهُمْ عَنْ﴾ طاعة ﴿أَمْرِنا﴾ إيّاه بطاعة سليمان ، ويمل إلى عصيانه ﴿نُذِقْهُ﴾ ونطعمه ﴿مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ﴾ والنار الموقدة في الآخرة ، أو في الدنيا.
قيل : كان معه ملك بيده سوط من نار ، كلّما استعصى عليه جنّي ضربه من حيث لا يراه ضربة فأحرقته بالنار (٣) .
وكان الجنّ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ لسليمان ويصنعون ﴿لَهُ﴾ بأمره ﴿ما يَشاءُ﴾ ويريد ﴿مِنْ مَحارِيبَ﴾ وقصور وغرف عالية ومساكن شريفة ﴿وَتَماثِيلَ﴾ وصور مجسمة من صور الملائكة والأنبياء والوحوش والطيور والأشجار وغيرها.
عن الصادق عليهالسلام ، قال : « والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ، ولكنّها الشجر وشبهه » (٤) .
﴿وَجِفانٍ﴾ وأوان كبيرة ﴿كَالْجَوابِ﴾ والحياض الكبار ﴿وَقُدُورٍ﴾ وظروف من النّحاس أو الحجارة يطبخ فيها اللّحم ﴿راسِياتٍ﴾ وثابتات على الأثافي ، لا تنزل منها لعظمها ، ولا تحرّك من أماكنها ، بل يصعد عليها بالسلالم.
﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ * فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما
دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ
كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (١٣) و (١٤)﴾
ثمّ لمّا ذكر نعمه الخاصة على سليمان عليهالسلام ، طلب منه العبادة والشكر بقوله : ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ﴾ لله واعبدوه ، لأجل أن يكون عملكم ﴿شُكْراً﴾ له تعالى على نعمه ، أو المراد اشكروا لله شكرا ، أو افعلوا شكرا ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ المجدّ في أداء حقّ نعمه بالقلب واللسان والجوارح ، وإن لم يمكن الخروج عن عهدة شكر نعمه ، لأنّ توفيق الشكر نعمة عظيمة يجب شكرها.
ثمّ لمّا ذكر عظمة ملك سليمان وسلطانه ، ذكر نعمته عليه بعد موته بإقامة جسده معتمدا على عصاه ، ليتمّ أغراضه ، ونبّه على أنّ أحدا لا ينجو من الموت بقوله : ﴿فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٢٧١.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١٩٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٢١٢.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٢٧٢.
(٤) الكافي ٦ : ٥٢٧ / ٧ ، مجمع البيان ٨ : ٦٠٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢١٢.