عن الباقر عليهالسلام ، قال : « إنّما عنى به لا يحلّ لك النساء اللّاتي حرّم الله عليك في هذه الآية ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ﴾ إلى آخرها ، ولو كان الأمر كما يقولون كان قد أحلّ لكم ما لم يحلّ له ، لأنّ أحدكم يستبدل كلّما أراد ، ولكن الأمر ليس كما يقولون ، إنّ الله عزوجل أحلّ لنبيه صلىاللهعليهوآله أن ينكح من النساء ما أراد إلّا ما حرّم في هذه الآية في سورة النساء » (١) ومثله روي عن الصادقصلىاللهعليهوآله(٢) .
وقيل : هذه الآية منسوخة بقوله : ﴿تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ﴾(٣) .
وعن عائشة : أنّها قالت : ما فارق رسول الله صلىاللهعليهوآله من الدنيا حتى حلّ له ما أراد من النساء (٤).
وقيل : إنّها منسوخة بقوله : ﴿إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ﴾ الآية (٥) ونسب ذلك إلى أصحابنا.
﴿وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أحوال خلقه ومصالحهم ﴿رَقِيباً﴾ ومحافظا ، لا يمكن أن يغفل ويذهل عنها.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ
ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ
لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ
الْحَقِّ (٥٣)﴾
ثمّ لمّا بيّن الله سبحانه أدب عشرة النبيّ صلىاللهعليهوآله مع عموم الناس وخصوص أزواجه ، علّم المؤمنين أدب دخولهم في بيته ، ومكالمتهم أزواجه بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ﴾ وحجراته في حال من الأحوال ﴿إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ﴾ ويعلّن ﴿لَكُمْ﴾ وتدعون ﴿إِلى طَعامٍ﴾ وغذاء تأكلون منه ، فحينئذ جاز لكم الدخول ، وكذا لا تدخلوها إلّا إذا كنتم ﴿غَيْرَ ناظِرِينَ﴾ وحال كونكم غير منتظرين ﴿إِناهُ﴾ ووقته وإداركه.
روي أن ناسا من المؤمنين كانوا ينتظرون وقت طعام رسول الله صلىاللهعليهوآله فيدخلون ويقعدون إلى حين إدراكه (٦) . وعليه يكون النهي عن الدخول بغير إذن مخصوصا بالداخلين إلى طعام ، ولذا قيل : إن في الكلام تقديما وتأخيرا ، والمعنى : لا تدخلوا إلى طعام إلّا أن يؤذن لكم (٧) .
وقيل : إنّ المراد عدم جواز الدخول بغير إذن خصوصا إذا كان الدخول للطعام ، ويكون النهي عن
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣٨٩ / ٤ ، تفسير الصافي ٤ : ١٩٨.
(٢) الكافي ٥ : ٣٨٨ / ١ و٢ ، تفسير الصافي ٤ : ١٩٨.
(٣) تفسير أبي السعود ٧ : ١١١.
(٤) تفسير الرازي ٢٥ : ٢٢٣ ، تفسير أبي السعود ٧ : ١١١.
(٥) تفسير الرازي ٢٥ : ٢٢٣ ، تفسير أبي السعود ٧ : ١١١.
(٦) تفسير روح البيان ٧ : ٢١٣.
(٧) تفسير الرازي ٢٥ : ٢٢٤.