فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك فيّ ، وتعرّضك لمحبّتي وسروري ، سيأتيك أمري إن شاء الله تعالى ، فأنزل الله تعالى ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾ الآية. قال : فأحلّ الله عزوجل هبة المرأة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا يحلّ ذلك لغيره » (١) .
وعن القمي ما يقرب منه إلّا أنّه حكى اللوم عن عائشة ، وقال في آخره : « فلا تحلّ الهبة إلّا لرسول الله صلىاللهعليهوآله » (٢).
﴿تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا
جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ
وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في التوسعة على رسوله صلىاللهعليهوآله في النكاح والطلاق وحقوق الأزواج بقوله : ﴿تُرْجِي﴾ وتؤخّر ﴿مَنْ تَشاءُ﴾ إرجاءها وتأخيرها ﴿مِنْهُنَ﴾ بأن تترك نكاحها ، أو تطلّقها ، أو تترك مضاجعتها وقسمها ﴿وَتُؤْوِي﴾ وتضمّ ﴿إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ﴾ ضمّها وتقريبها منهنّ بالنكاح وإبقاءها فيه ، وقسمها ومضاجعتها ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ﴾ وطلبت نكاحها ، أو إمساكها ، أو قسمها ﴿مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ وتركت نكاحها أو طلّقتها ، أو تركت القسمة لها ﴿فَلا جُناحَ﴾ ولا إثم ولا لوم ﴿عَلَيْكَ﴾ لأنّ الاختيار في أمرهنّ بيدك و﴿ذلِكَ﴾ التخيير وتفويض الأمر إلى مشيئتك ﴿أَدْنى﴾ وأقرب إلى ﴿أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ﴾ وتسرّ قلوبهن بمعاملتك معهنّ ﴿وَلا يَحْزَنَ﴾ بترجيح بعضهنّ على بعض ﴿وَ﴾ إلى أن ﴿يَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ﴾ من النفقة والقسمة والمضاجعة ، وتطيب نفوسهنّ به ، لتعلمهنّ بأن جميع معاملتك معهنّ بحكم الله وإرادته ، فان سوّيت بينهنّ فبتفضّلك ، وإن رجّحت بعضهنّ فبطاعتك لله ، لا بهوى نفسك.
قيل : إنّه صلىاللهعليهوآله قبل نزول الآية كان يسوّي بين أزواجه في جميع الامور ، فلمّا نزلت اعتزل من خمسة ، وآوى إليه أربعة : عائشة ، وحفصة ، وامّ سلمة ، وميمونة (٣) .
وقيل : إنّه بعد نزولها أيضا كان يسوّي بينهنّ غير سودة ، فانّها وهبت ليلتها لعائشة ، وقالت : يا رسول الله ، لا تطلّقني حتى احشر يوم القيامة في عداد أزواجك (٤) .
قيل : لمّا انسلخت نفسه عن صفاتها ، واتّصفت بصفات القلب - ولذا قال : « أسلم شيطاني بيدي » ولا
__________________
(١) الكافي ٥ : ٥٦٨ / ٥٣ ، تفسير الصافي ٤ : ١٩٦.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١٩٥ ، تفسير الصافي ٤ : ١٩٦.
(٣) تفسير أبي السعود ٧ : ١١٠ ، تفسير روح البيان ٧ : ٢٠٧ و٢٠٨.
(٤) تفسير أبي السعود ٧ : ١١٠ ، تفسير روح البيان ٧ : ٢٠٨.