المهاجرات منهنّ أليق بمزاوجتك ﴿وَ﴾ كذا أحللنا لك ﴿امْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾ من المؤمنات ﴿إِنْ﴾ اتّفق أنها ﴿وَهَبَتْ نَفْسَها﴾ ووبضعها ﴿لِلنَّبِيِ﴾ بلا مهر وأجر ، وهي إنّما تحلّ لك ﴿إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها﴾ وطلب ملك بضعها بلا مهر.
وفي الالتفات من الخطاب الى الغيبة ، إيذان بأنّ الحكم مختصّ به عليهالسلام ، لشرف النبوة ، كما صرّح به بقوله : ﴿خالِصَةً لَكَ﴾ وجعلنا حلّيتها بالهبة مختصّة بك ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فانّ الإحلال لهم مشروط بإنشاء النكاح بلفظه ، أو بلفظ التزويج في الدائم ، وبأحدهما أو بلفظ التمتيع في المنقطع ، ولا يكون بلا مهر أبدا ، وهذا هو الذي أشار بقوله : ﴿قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا﴾ وأوجبنا ﴿عَلَيْهِمْ فِي﴾ حقّ ﴿أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ﴾ من الأحكام ، وإنّما أحللنا عليك النساء ، وخصّصناك بتلك الخصائص ﴿لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ وضيق في أمر النكاح ﴿وَكانَ اللهُ غَفُوراً﴾ وستورا لما يصدر من عباده ممّا يعسر التحرّز منه ﴿رَحِيماً﴾ ومنعما عليهم بالتوسعة والتسهيل في الأحكام.
عن ابن عباس : لم يكن عند النبيّ صلىاللهعليهوآله امرأة إلّا بعقد نكاح أو ملك يمين (١).
وقيل : إنّه كانت عنده الموهوبة نفسها ، وهي ميمونة ، خالة عبد الله بن عباس ، خطبها النبي صلىاللهعليهوآله فلمّا جاءها الخاطب وهي على بعيرها ، فقالت : البعير وما عليه لرسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
وقيل : هي زينب بنت خزيمة الأنصارية ، وماتت في حياته صلىاللهعليهوآله (٣).
وقيل : هي أمّ شريك بنت جابر الأسدية ، واسمها غزية ، ولم يقبلها ، وقيل : قبلها ثمّ طلقها قبل أن يدخل بها (٤) .
وعن ابن عباس : أنّها أقبلت إلى النبي صلىاللهعليهوآله فوهبت نفسها له بغير مهر ، فقبلها ودخل عليها(٥).
أقول : وعليه يكون المراد من قوله الأول حين وفاته.
وعن الباقر عليهالسلام : « جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو في منزل حفصة ، والمرأة متلبّسة متمشّطة فقالت : يا رسول الله ، إنّ المرأة لا تخطب الزوج ، وأنا أمرأة أيّم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد ، فهل لك من حاجة ، فان يك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني. فقال لها رسول الله خيرا ، ودعا لها ، ثمّ قال : يا اخت الأنصارن جزاكم الله عن رسول الله خيرا ، فقد نصرني رجالكم ، ورغبت فيّ نساؤكم. فقالت لها حفصة : ما أقلّ حياءك وأجرأك وأنهمك للرجال ! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كفّي عنها يا حفصة ، فانّها خير منك ، رغبت في رسول الله فلمتها وعبتها. ثمّ قال للمرأة : انصرفي رحمك الله ،
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٢٠٥.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٢٠٦.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٢٠٦.
(٤و٥) تفسير روح البيان ٧ : ٢٠٦.