﴿وَيُطَهِّرَكُمْ﴾ وينظّفكم منه ﴿تَطْهِيراً﴾ وتنظيفا بليغا ، ويجعلكم معصومين.
وإنّما فسّرنا الإرادة بالتكوينية ، لكونه في مقام بيان فضيلتهم على سائر الناس ، ولا فضيلة للارادة التشريعية التي يشترك فيها المؤمن والكافر ، فاذا دلّت الآية على عصمة أهل البيت عليهمالسلام فلا جرم لا تشمل نساء النبي ، للاجماع على عدم عصمتهنّ ، وظهور المعصية من أكثرهنّ خصوصا عائشة وحفصة.
بسط الكلام في آية التطهير
وقد اتّفقت روايات العامة والخاصة على أنّها نزلت في شأن الخمسة الطيبة ، وفي ( نهج الحق ) للعلامة : أجمع المفسّرون. وروى الجمهور كأحمد بن حنبل وغيره أنّها نزلت في [ رسول الله ] وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (١).
وروى الثعلبي ، عن امّ سلمة : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان في بيتها ، فأتته فاطمة عليهاالسلام ببرمة فيها حريرة ، فقال لها : « ادعي زوجك وابنيك » فجاءتهم فطعموا ، ثمّ ألقى عليهم كساء له خيبريا ، فقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا » قالت امّ سلمة : فأنزل الله فيهم ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ﴾ الآية (٢) . فأخذ فضل الكساء فغشّاهم ، ثمّ أخرج يده ، فألوى بها إلى السماء ، ثمّ قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا » فأدخلت رأسي في البيت ، وقلت : أنا معكم يا رسول الله ؟ قال : « إنّك إلى خير » (٣) .
وروى الثعلبي ، عن مجمّع ، قال : ذهبت يوما مع امّي إلى عائشة ، فقالت لها امّي : أرايت خروجك يوم الجمل ، وقال الله : ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ؟﴾ فقالت : كان قدرا من الله ، ثمّ سألتها عن عليّ فقالت : سألتني عن أحبّ الناس إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وزوج أحبّ الناس إلى رسول الله ، لقد رأيت عليا وفاطمة والحسن والحسين ، وجمع رسول الله بثوب عليهم ، ثمّ قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ». فقلت : يا رسول الله ، أنا من أهلك ؟ فقال : « تنحّي ، فانّك إلى خير » (٤) .
وعن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : « نزلت هذه فيّ وفي عليّ وفاطمة والحسن والحسين »(٥) . إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة العامية (٦).
__________________
(١) نهج الحق : ١٧٣ / ٣ ، مسند أحمد ١ : ٣٣١ ، و٣ : ٢٨٥ ، و٦ : ٢٩٢ ، شواهد التنزيل ٢ : ١٩ وما بعدها.
(٢) زاد في النسخة : وفي رواية.
(٣) العمدة لابن بطريق : ٣٩ / ٢٢ ، مجمع البيان ٨ : ٥٥٩.
(٤) العمدة لابن بطريق : ٣٩ / ٢٣ ، مجمع البيان ٨ : ٥٥٩.
(٥) العمدة لابن بطريق : ٣٨ / ٢٢ ، مجمع البيان ٧ : ٥٥٩.
(٦) راجع : سنن الترمذي ٥ : ٣٥١ / ٣٢٠٥ و: ٦٦٣ / ٣٧٨٧ و: ٦٦٩ / ٣٨٧١ ، مسند أحمد ٤ : ١٠٧ و٦ : ٢٩٢ و٣٠٤ ، مصابيح - السنة ٤ : ١٨٣ / ٤٧٩٦ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٤١٦ و٣ : ١٤٨ ، الصواعق المحرقة : ١٤٣ ، خصائص النسائي : ٤ ، اسد الغابة ٤ : ٢٩.