﴿لِلْمُحْسِناتِ﴾ والصالحات ﴿مِنْكُنَ﴾ في الآخرة ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ وجزاء جزيلا لا يعرف كنهه وغايته.
روى المفسرون أنّ نساء النبيّ صلىاللهعليهوآله طلبن منه زيادة النفقة والكسوة وآذينه ، لغيرة بعضهن من بعض ، فآلى رسول الله صلىاللهعليهوآله منهنّ شهرا ، فنزلت هذه الآية ، وكنّ يومئذ تسعا : عائشة ، وحفصة ، وامّ حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وامّ سلمة ، فهولاء من قريش ، وصفية بنت حييّ بن أخطب وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية ، فلمّا نزلت طلّقهنّ وخيّرهن في المفارقة والبقاء ، فاخترن النبي صلىاللهعليهوآله (١).
وروى الواحدي (٢) عن ابن عباس : أنّ حفصة نازعت النبي صلىاللهعليهوآله يوما ، وطلبت منه زيادة النفقة. فقال صلىاللهعليهوآله : « هل لك أن أجعل بيني وبينك رجلا ؟ » قالت : نعم. فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عمر ، فلمّا حضر قال لها : « تكلّمي » فقالت حفصة لرسول الله صلىاللهعليهوآله : تكلّم أنت ولا تقل إلّا حقّا. فرفع عمر يده ليضربها ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « كفّ عنها » فقال عمر : يا عدوّة الله ما يقول النبيّ إلّا حقّا ، والذي بعثه بالحقّ لو لا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي. فقام النبيّ صلىاللهعليهوآله وذهب في غرفة في المسجد ، فمكث فيها شهرا ، ومنع نساءه أن يدخلن معه (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا حصل له الغنائم من خيبر ، قالت نساؤه : أعطنا من هذه الغنيمة. قال : قسّمتها بين المسلمين بأمر الله ، فغضبن وقلن : لعلّك تظنّ إن تطلّقنا لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوّجونا ! فأنف الله عزوجل لرسوله ، فأمره أن يعتزلهنّ ، فاعتزلهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله في مشربة (٤) امّ إبراهيم تسعة وعشرين يوما حتى حضن وطهرن ، ثمّ أنزل الله عزوجل هذه الآية وهي آية ، التخيير ، فقامت امّ سلمة وقالت : قد اخترت الله ورسوله ، فقمن كلّهن فعانقنه وقلن مثل ذلك » الخبر (٥) .
وعن الباقر عليهالسلام : « أنّ زينب بنت جحش قالت لرسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تعدل وأنت نبيّ ! فقال : تربت يداك ، إن لم أعدل ، فمن يعدل ؟ ! » إلى أن قال : « فقالت : إنّك إن طلّقتنا وجدنا في قومنا أكفاءنا ، فاحتبس الوحي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله تسعا وعشرين ليلة. قال : فأنف الله لرسوله صلىاللهعليهوآله ، فأنزل الله عزوجل : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ﴾ الآيتين ، فاخترن الله ورسوله ، ولم يكن شيء ، ولو اخترن أنفسهنّ لبنّ » (٦) .
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٥٤٤ ، تفسير روح البيان ٧ : ١٦٤.
(٢) في النسخة : الراقدي.
(٣) مجمع البيان ٨ : ٥٥٥.
(٤) المشربة : الغرفة ، والصّفّة ، والأرض اللينة دائمة النبات.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١٩٢ ، وتفسير الصافي ٤ : ١٨٥ ، ولم ينسباها إلى الصادق عليهالسلام.
(٦) الكافي ٦ : ١٣٩ / ٥ ، تفسير الصافي ٤ : ١٨٥.