وفي رواية : « فخيّرهن حتى انتهى إلى زينب بنت جحش ، فقامت فقبّلته ، فقالت : أختار الله ورسوله » (١) .
وروى بعض العامة أنه صلىاللهعليهوآله بدأ بعائشة ، وقال لها : « إنّي ذاكر لك أمرا احبّ أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك » لما علم أنّ أبويها لا يأمرانها بفراقه قالت : وما هو يا رسول ؟ فتلا عليها الآية فقالت : أفي هذا أستأمر أبويّ ! بل اختار الله ورسوله ، فعجب صلىاللهعليهوآله من اختيارها ، وفرح حتى ظهر الفرح على بشرته (٢) ثمّ اختارت الباقيات اختيارها » (٣) .
أقول : فيه دلالة على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يحرز حبّها له ، حيث قال : « لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك » بل كان الظاهر منها اختيارها لنفسها ، ولذا تعجّب من اختيارها وظهور خلاف الظاهر منها ، وليعلم أنّ هذا التخيير من خصائص النبيّ صلىاللهعليهوآله.
عن الباقر عليهالسلام ، أنّه سئل عن رجل خيّر امرأته فاختارت نفسها ، أبانت منه ؟ قال : « لا ، إنّما هذا شيء كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله خاصة » الخبر (٤) .
﴿يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ
وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها
أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣٠) و (٣١)﴾
ثمّ أدّب الله أزواجه وبيّن وظيفتهنّ بقوله : ﴿يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ وبرتكب فعلة قبيحة ظاهرة القباحة من معاصي الله ومخالفة الرسول وإيذائه. عن ابن عباس : يعني النّشوز وسوء الخلق (٥) . عن الصادق عليهالسلام : « الفاحشة : الخروج بالسيف » (٦). ﴿يُضاعَفْ لَهَا﴾ في القيامة ﴿الْعَذابُ﴾ عليها ﴿ضِعْفَيْنِ﴾ ومثلي عذاب غيرهنّ من النساء ، لعلوّ شأنهنّ ، وأتمّيّة الحجّة عليهنّ ، وزيادة قبح عصيانهنّ ، لاستلزامه إيذاء النبي صلىاللهعليهوآله وتوهينه ﴿وَكانَ ذلِكَ﴾ التضعيف ﴿عَلَى اللهِ يَسِيراً﴾ وسهلا ، لشدّة استحقاقهنّ له ، ولا يمنعه زوجية النبيّ ، بل هي سببه ، وفيه مراعاة حقّهصلىاللهعليهوآله ﴿وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَ﴾ ويداوم على الطاعة ﴿لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ إيمانا بهما ، وخضوعا لهما ﴿وَتَعْمَلْ﴾ عملا ﴿صالِحاً﴾ ومرضيا لهما إلى آخر عمرهما ﴿نُؤْتِها﴾ ونعطها ﴿أَجْرَها﴾ وثوابها ﴿مَرَّتَيْنِ﴾ مرّة
__________________
(١) الكافي ٦ : ١٣٨ / ٣ ، تفسير الصافي ٤ : ١٨٦.
(٢) في النسخة : من بشره.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ١٦٥.
(٤) الكافي ٦ : ١٣٧ / ٣ ، وتفسير الصافي ٤ : ١٨٦ ، عن الصادق عليهالسلام.
(٥) تفسير روح البيان ٧ : ١٦٦.
(٦) تفسير القمي ٢ : ١٩٣ ، تفسير الصافي ٤ : ١٨٦.