والرّوم وغيرهما من الممالك التي تفتحونها إلى يوم القيامة. وقيل : إنّ الأرض كناية عن فروج نساء تلك القبيلة ﴿وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ ممّا شاهدتموه ومالم تشاهدوه ﴿قَدِيراً﴾.
قصة بني قريظة
وكانت قصّة بني قريظه على ما روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لمّا رجع من الخندق في وقت الظهيرة ، وصلّى الظهر ، دخل بيت زينب ، وأراد أن يغتسل من الغبار ، أو غسلت شقّ رأسه الشريف ، فأتاه جبرئيل على فرسه حيروم معتجرا بعمامة سوداء فقال : أوضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال : نعم. قال : ما وضعت الملائكة السلاح منذ نزل بك العدوّ ، أو قال : ما وضعت الملائكة لأمتها ، فكيف تضع لأمتك ؟ إنّ الله يأمرك أن لا تصلّي العصر إلّا ببني قريظة ، فانّي متقدّمك ومزلزل بهم حصنهم ، إنّا كنّا في آثار القوم نزجرهم حتى بلغوا حمراء الأسد (١) ، فأمر صلىاللهعليهوآله بلالا فأذّن في الناس : من كان سامعا مطيعا فلا يصلّين العصر إلّا في بني قريظة (٢) .
وفي رواية : فخرج صلىاللهعليهوآله ، فاستقبله حارث بن النعمان ، فقال له : « ما الخبر ؟ » فقال : بأبي أنت وامّي يا رسول الله ، هذا دحية الكلبي ينادي في الناس : ألا لا يصلّين العصر أحد إلّا في بني قريظة. فقال صلىاللهعليهوآله : « ذاك جبرئيل ، ادعوا عليا » فجاء عليّعليهالسلام فقال له : « ناد في الناس : لا يصلّين أحد العصر إلّا في بني قريظة » فجاء أمير المؤمنين عليهالسلام فنادى فيهم ، فبادروا إلى بني قريظة (٣) .
قيل : وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد لبس الدّرع والمغفر ، وأخذ قناة بيده الشريفة ، وتقلّد السيف ، وركب فرسه اللحيف ، وأمير المؤمنين عليهالسلام بين يديه مع الراية العظمى ، والناس حوله قد لبسوا السلاح ، وهم ثلاثة آلاف ، واستعمل على المدينة ابن امّ مكتوم (٤) .
وفي رواية : وأرسل عليا عليهالسلام متقدّما مع بعض الأصحاب ، ومرّ صلىاللهعليهوآله بنفر من بني النجّار قد لبسوا السلاح ، فقال صلىاللهعليهوآله : « هل مرّ بكم أحد » قالوا : نعم دحية الكلبي ، وأمرنا بحمل السلاح ، وقال لنا : يطلع عليكم رسول الله الآن. فقال : « ذلك جبرئيل » فلما دنا عليّ عليهالسلام من الحصون ، وغرز اللواء عند أصل الحصون وأحاط بها ، وكان حييّ بن أخطب لمّا انهزمت قريش دخل في حصن بني قريظة ، فأشرف كعب بن أسد (٥) شيخ بني قريظة على أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآله يشتمهم ويقول في حقّ النبي صلىاللهعليهوآله وأزواجه مقالات قبيحة ، فسكت المسلمون وقالوا : بيننا وبينكم السيف.
فلمّا رأى علي عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآله مقبلا أمر قتادة الأنصاري أن يلزم اللواء فاستقبله ، وقال :يا
__________________
(١) حمراء الأسد : موضع على ثمانية أميال من المدينة.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ١٦١.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٨٩ ، تفسير الصافي ٤ : ١٨٢.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ١٦١.
(٥) في النسخة : كعب بن أسيد ، وكذا الذي يأتي بعدها.