وعنه عليهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا علي ، من أحبّك ثمّ مات فقد قضى نحبه ، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر » (١) .
أقول : الأوّل تنزيل ، وهاتان الروايتان تأويل ، وإنّما فعلوا من الوفاء ﴿لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ﴾ في عهدهم ﴿بِصِدْقِهِمْ﴾ ووفائهم به قولا وفعلا في الدنيا والآخرة جزاء جزيلا ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ﴾ بما ارتكبوا من الفرار وتخويف المسلمين وتحريضهم على الرجوع إلى المدينة ﴿إِنْ شاءَ﴾ تعذيبهم بأن لا يوفّقهم للتوبة وتخليص الايمان ﴿أَوْ﴾ يوفّقهم و﴿يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ بعد توبتهم ﴿إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً﴾ وستورا للذنوب ﴿رَحِيماً﴾ بالمؤمنين ، ومنعما عليهم بالجنّة والنّعم الدائمة.
﴿وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ
اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ
وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ
وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٥) و (٢٧)﴾
ثمّ بيّن سبحانه لطفه بالمؤمنين وإنجازه وعد النصر بقوله : ﴿وَرَدَّ اللهُ﴾ بقدرته الأحزاب ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ إلى أوطانهم وهم كاظمون ﴿بِغَيْظِهِمْ﴾ وشدّة غضبهم ، والحال أنّهم ﴿لَمْ يَنالُوا﴾ ولم يصيبوا ما حسبوه ﴿خَيْراً﴾ لهم من الغلبة والغنيمة مع غاية جدّهم فيهما ﴿وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ﴾ ورفع عنهم كلفة التصدّي له ، بارسال الريح الشديدة ، وإنزال الملائكة ﴿وَكانَ اللهُ قَوِيًّا﴾ وقادرا على كسر شوكة الكافرين ﴿عَزِيزاً﴾ وغالبا على كلّ شيء ﴿وَأَنْزَلَ﴾ بني قريظة ﴿الَّذِينَ﴾ نقضوا عهد الرسول صلىاللهعليهوآله وتبعوا المشركين و﴿ظاهَرُوهُمْ﴾ وعاونوهم على قتال الرسول صلىاللهعليهوآله مع كونهم ﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ﴾ والمؤمنين بالتوراة التي فيها البشارة ببعثته وذكر علائمه وصفاته ﴿مِنْ صَياصِيهِمْ﴾ وحصونهم وقلاعهم المحكمة ﴿وَقَذَفَ﴾ الله وألقى ﴿فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ من الرسول صلىاللهعليهوآله والمسلمين والخوف منهم ، بحيث سلّموا أنفسهم للقتل ، وأهليهم وذراريهم للأسر ، فأنتم أيها المسلمون ﴿فَرِيقاً﴾ منهم ﴿تَقْتُلُونَ﴾ صبرا ﴿وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً﴾ آخر منهم ﴿وَأَوْرَثَكُمْ﴾ وملّككم ، كما تتمّلكون إرث الأقارب ﴿أَرْضَهُمْ﴾ التي كانوا مقيمين يها ، ومنتفعين بها بالزراعة والغرس فيها ﴿وَدِيارَهُمْ﴾ وحصونهم وبيوتهم ﴿وَأَمْوالَهُمْ﴾ من المواشي والأثاث والنقود والسّلاح وغيرها ﴿وَ﴾ أورثكم تقديرا ﴿أَرْضاً﴾ اخرى ﴿لَمْ تَطَؤُها﴾ ولم تضعوا إلى الآن أقدامكم فيها ، كأرض فارس
__________________
(١) الكافي ٨ : ٣٠٦ / ٤٧٥ ، تفسير الصافي ٤ : ١٨١.