وتطبخ وتشوي ، فلمّا فرغت جئت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : بأبي أنت واميّ يا رسول الله ، قد فرغنا ، فاحضر مع من أحببت. فقام عليهالسلام إلى شفير الخندق ، وقال : يا معاشر المهاجرين والأنصار ، أجيبوا جابر. قال جابر : وكان في الخندق سبعمائة رجل ، فخرجوا كلّهم ، ثمّ لم يمرّ بأحد من المهاجرين والأنصار إلّا قال : « أجيبوا جابرا » (١) . وفي رواية : كان على الخندق ثلاثة آلاف رجل (٢).
قال جابر : فتقدّمت وقلت لأهلي : قد أتاك رسول الله بما لا قبل لك به. فقالت : أعلمته أنت بما عندك ؟ قلت : نعم قالت : فهو أعلم بما أتى. فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فنظر في القدر ، ثمّ قال : « أغرفي وأبقي » ثمّ نظر في التنّور ، ثمّ قال : « أخرجي - أو اخبزي – وأبقي » ثمّ دعا بصحفة فثرد فيها وتمرّق ، وقال : « يا جابر ، أدخل عليّ عشرة عشرة » فأدخلت عشرة فأكلوا حتى نهلو ، وما يرى في القصعة إلّا آثار أصابعهم. ثمّ قال : « علي بالذّراع » فأتيته به ، فأكلوه. ثمّ قال : « أدخل عشرة » فأدخلتم ، فأكلوا حتى نهلوا ، وما يرى في القصعة إلّا آثار أصابعهم ، ثمّ قال : « عليّ بالذّراع » فأكلوا وخرجوا ، ثمّ قال : « عليّ بعشرة » فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ، وما يرى في القصعة إلّا آثار أصابعهم ، ثمّ قال : « عليّ بالذراع » فأتيته ، فقلت : يا رسول الله ، كم للشاة من ذراع ؟ قال : « ذراعان » . فقلت : والذي بعثك بالحقّ ، لقد أتيتك بثلاثة. فقال : « أما لو سكتّ - يا جابر - لأكل الناس كلّهم من الذراع » قال جابر :فأقبلت ادخل عشرة عشرة حتى أكلوا كلّهم ، وبقي لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما (٣) .
وفي رواية ، قال عليهالسلام لأهلي : « كلي وأهدي » فأهديت منه إلى أقربائي(٤) فأكلوا منه حتى شبعوا.
فلمّا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوآله من حفر الخندق في ستّة أيام ، أقبلت قريش ومن معهم من الأحزاب يوم فراغهم أو بعد ثلاثة أيام ، فلمّا نزلوا العقيق ، جاء حييّ بن أخطب إلى بني قريظة ، وكانوا في حصنهم قد تمسّكوا بعهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأغواهم وحملهم على نقض العهد ، فتجهّزوا لقتال رسول الله صلىاللهعليهوآله وأرادو الإغارة على المدينة بمعاونة طائفة من قريش ، فبلغ النبيّ صلىاللهعليهوآله فعظم البلاء ، وصار الخوف على النساء والذراري أشدّ ممّا على أهل الخندق ، فبعث صلىاللهعليهوآله ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة (٥) ، ويأمنون أهلها.
قأقبلت قريش والأحزاب كما حكاه سبحانه بقوله : ﴿إِذْ جاؤُكُمْ﴾ أيها المؤمنون ﴿مِنْ﴾ الوادي الذي كان من ﴿فَوْقِكُمْ﴾ وأعلى معسكركم وجهة شرقية ، وهم عطفان ومن معهم من أهل نجد
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٧٨.
(٢) تفسير أبي السعود ٧ : ٩٢ ، تفسير روح البيان ٧ : ١٤٤.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٧٨.
(٤) مجمع البيان ٨ : ٥٣٥.
(٥) تفسير روح البيان ٧ : ١٤٥.