القيامة ، وتنفع لمن عبدها ، ونحن ندعك وربّك ، فبان الغضب من كلامهم في وجه الرسول صلىاللهعليهوآله فقال ابن ابي وجمع من المنافقين : يا رسول الله ، هؤلاء أشراف العرب ، أعطهم سؤلهم ، فانّ فيه صلاحك.
فهمّ عمر بقتلهم ، فنهاه رسول الله ، وقال : « أعطيتهم الأمان ، فلا تنقض عهدي فأخرجهم عمر من المدينة ، فنزلت » (١) .
وقيل : جاء جماعة من ثقيف إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقالوا : دعنا على عبادة الأصنام سنة ، لتظهر مزية لنا عندك على قريش (٢) ثمّ نؤمن بك ، فنزلت (٣) .
﴿وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ
وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً * ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (٢) و (٤)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد نهيه عن متابعة الكفّار ، أمره باتّباع القرآن بقوله : ﴿وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ في جميع ما تأتي وتذر ، واعمل بأحكام الله المنزلة في القرآن ﴿إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ﴾ من الطاعة والمخالفة ﴿خَبِيراً﴾ لا يخفى عليه شيء من أعمالكم وأحوالكم ، ويجازيكم على حسب استحقاقكم ، ولا تخش من أحد في مخالفتي ، ولا ترج من أحد أن يحسن إليك ، ولا تخف أحدا من ضرّه وشرّه ﴿وَتَوَكَّلْ﴾ واعتمد ﴿عَلَى اللهِ﴾ في حفظك ، وفوّض إليه جميع امورك ﴿وَكَفى بِاللهِ﴾ الذي خلقك ودبّر امورك ، وشرّفك بمنصب الرسالة ﴿وَكِيلاً﴾ وحافظا لصلاح امورك ، وحسبك ربّك وليا وناصرا.
قيل : من خاف ريحا أو صاعقة أو غيرهما من المضارّ والمهلكات ، فليكثر من ذكر : يا وكيل ، فانّه يصرف منه كلّ شرّ وضرّ ، ويفتح له أبواب كلّ خير (٤) .
ثمّ لمّا كان طاعة الكفّار الذين هم أعداء الله لا تكون إلّا حبّا لهم أو طمعا ما عندهم من الزخارف ، أو خوفا من ضررهم ، بيّن سبحانه أنّ حبّهم وخوفهم لا يجامع حبّ الله في قلب واحد بقوله : ﴿ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ﴾ من الرجال وشخص من الأشخاص نبيا كان أو غيره ﴿مِنْ قَلْبَيْنِ﴾ ومضغتين صغيرتين في هيئة الصّنوبرة ﴿فِي جَوْفِهِ﴾ وداخل صدره ، يكون في أحدهما الايمان وحبّ الله والخوف منه ، وفي الآخر الكفر وحبّ أعداء الله والخوف منهم.
عن الباقر عليهالسلام ، قال : « قال علي بن أبي طالب عليهالسلام : لا يجتمع حبّنا وحبّ عدوّنا في جوف إنسان ، إنّ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ١٣١.
(٢) في مجمع البيان : قالوا لتعلم قريش منزلتنا منك.
(٣) مجمع البيان ٨ : ٥٢٥.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ١٣٢.