الله لم يجعل لرجل قلبين في جوفه ، فيحبّ بهذا ويبغض بهذا ، فأمّا محبّنا فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار ، لا كدر فيه ، فمن أراد أن يعلم حبّنا فليمتحن قلبه ، فان شارك في حبّنا حبّ عدوّنا فليس منّا ولنسا منه ، والله عدوّهم وجبرئيل وميكائيل ، والله عدوّ للكافرين » (١) .
وعن الصادق عليهالسلام : « ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، يحبّ بهذا قوما ، ويحبّ بهذا أعداءهم » (٢) .
وعنه عليهالسلام : « فمن كان قلبه متعلقا في صلاته بشيء دون الله ، فهو قريب من ذلك الشيء ، بعيد عن حقيقة ما أراد الله منه في صلاته ثمّ تلا هذه الآية » (٣) .
وعن ابن عباس : كان المنافقون يقولون : إنّ لمحمد قلبين : قلبا معنا ، وقلبا مع أصحابه ، فأكذبهم الله (٤) .
وعن جمع من مفسّري العامة : أنّها نزلت في أبي معمر جميل (٥) بن معمر الفهري ، أو جميل بن أسد ، وكان لبيبا حافظا لما يسمع ، وكان يقول : إنّ في جوفي قلبين ، أعقل بكلّ منهما أفضل ممّا يعقل محمّد ! وكانت قريش تسمّية ذا القلبين ، فلمّا كان يوم بدر وهزم المشركون ، وفيهم أبو معمر تلقّاه أبو سفيان وهو آخذ بإحدى نعليه بيده ، والاخرى في رجله ، وهو يعدو في الرّمضاء ، ويقول : أين نعلي ، أين نعلي ؟ فقال أبو سفيان له : إحدى نعليك في يدك (٦) . فخجل.
وفي رواية ، قال له : فما بالك إحدى نعليك في يدك ؟ قال أبو معمر : ما شعرت إلّا أنّهما في رجلي ، فعلموا يومئذ أنّه ليس له إلّا قلب واحد ، وإلّا مانسي نعله في يده (٧) .
﴿وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ
أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ *
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ
وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ
وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥)﴾
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٧١ ، تفسير الصافي ٤ : ١٦٢.
(٢) مجمع البيان ٨ : ٥٢٧ ، تفسير الصافي ٤ : ١٦٢.
(٣) مصباح الشريعة : ٩٢ ، تفسير الصافي ٤ : ١٦٢.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ١٣٤.
(٥) في النسخة : حميد.
(٦) تفسير القرطبي ١٤ : ١١٦ ، تفسير أبي السعود ٧ : ٩٠ ، تفسير روح البيان ٧ : ١٣٤.
(٧) تفسير الصافي ٤ : ١٦٢.