وعن الرضا عليهالسلام ، قيل : له : أدعو لوالديّ إن كانا لا يعرفان الحقّ ؟ قال : « ادع لهما ، وتصدّق عنهما ، وإن كانا حيّين لا يعرفان الحقّ فدارهما ، فانّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق »(١) .
ومع ذلك ﴿وَإِنْ جاهَداكَ﴾ ونازعاك وأصرّا ﴿عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي﴾ في الالوهية والعبادة ما تعلم بعدم تأهّلة للالوهية وعدم استحقاقه للعبادة ، بل ﴿ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ ولم يقم على استحقاقه برهان ﴿فَلا تُطِعْهُما﴾ في ذلك ، فانّه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ، ﴿وَ﴾ لكن ﴿صاحِبْهُما﴾ وعاشر معهما ﴿فِي الدُّنْيا﴾ صحابا ﴿مَعْرُوفاً﴾ ومعاشرة جميلة يرتضيها الشرع ، ويقتضيه الكرم من الانفاق والتكريم والخدمة.
عن الصادق عليهالسلام : « برّ الوالدين واجب ، وإن كانا مشركين ، ولا طاعة لهما في معصية الخالق ، ولا لغيرهما الخبر » (٢) .
وعنه عليهالسلام : « برّ الوالدين من حسن المعرفة بالله ، إذ لا عبادة أسرع بلوغا بصاحبها إلى رضا الله تعالى من حرمة الوالدين المسلمين لوجه الله ، لأنّ حقّ الوالدين مشتقّ من حقّ الله إذا كانا على منهاج الدين والسّنّة ، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله إلى معصيته ، ومن اليقين إلى الشكّ ، ومن الزّهد إلى الدنيا ، ولا يدعوانه إلى خلاف ذلك ، فاذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة ، وطاعتهما معصية ، قال الله تعالى ﴿وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ﴾ الآية.
وأمّا في باب العشرة فدارهما وأرفق بهما ، واحتمل أذاهما نحو ما أحتملا منك حال صغرك ، ولا تضيّق عليهما بما قد وسّع الله عليك من المأكول والملبوس ، ولا تحوّل وجهك عنهما ، ولا ترفع صوتك فوق صوتهما ، فانّ تعظيمهما من الله تعالى ، وقل لهما بأحسن القول وألطفه ، فانّ الله لا يضيع أجر المحسنين » (٣)﴿وَاتَّبِعْ﴾ في جميع أعمالك خصوصا السّلوك مع الوالدين ﴿سَبِيلَ مَنْ أَنابَ﴾ ورجع ﴿إِلَيَ﴾ بالتوحيد والطاعة واقتد به.
عن الباقر عليهالسلام يقول : « سبيل محمد » (٤) .
﴿ثُمَ﴾ بعد الخروج من الدنيا ﴿إِلَيَ﴾ يكون ﴿مَرْجِعُكُمْ﴾ أيّها الأولاد والآباء والامّهات ﴿فَأُنَبِّئُكُمْ﴾ إذن ﴿بِما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ من الشّرك والتوحيد والرحمة والعقوق والطاعة والعصيان بالإثابة والعقوبة.
__________________
(١) الكافي ٢ : ١٢٧ / ٨ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٤.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٤ / ١ ، وتفسير الصافي ٤ : ١٤٤ ، عن الرضا عليهالسلام.
(٣) مصباح الشريعة : ٧٠ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٤.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١٦٥ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٥.