لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ
إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٣) و (١٥)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذكر حكمة لقمان ذكر وعظه لابنه الذي كان أعزّ الناس عنده ونهيه عن الشرك بقوله : ﴿وَإِذْ قالَ﴾ قيل : إنّ التقدير واذكر يا محمد لقومك وغيرهم من المشركين حين قال ﴿لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾(١) قيل : إنّ اسمه أنعم ترحّما وعطوفة (٢) : ﴿يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ﴾ شيئا في الالوهية والعبادة ﴿إِنَّ الشِّرْكَ﴾ بالله والله ﴿لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ فانّه تسوية بين الخالق القادر المنعم بجميع النّعم والمخلوق العاجر الذي لا نعمة له على أحد.
عن الباقر عليهالسلام : « الظلم ثلاثة : ظلم يغفره الله ، [ وظلم لا يغفره الله ] وظلم لا يدعه الله ، وأمّا الظلم الذي لا يغفره الله فالشّرك الخبر » (٣) .
ثمّ أكّد سبحانه النهي عن الشّرك ببيان حقّ الوالدين على الولد ووجوب برّهما وشكرهما ، ومع ذلك لا يجوز إطاعة أمرهما بالشّرك وإن أصرّا بقوله : ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ﴾ وأوجبنا عليه أكيدا أنّ يبرّ ﴿بِوالِدَيْهِ﴾ ويحسن إليهما لأنّه ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ﴾ في بطنها وحبلت (٤) به ، فتجد في نفسها بسبب حمله ﴿وَهْناً عَلى وَهْنٍ﴾ وضعفا في الخلق والخلق فوق ضعف يوما بعد يوم حتى تضع حملها ، ثمّ ترضعه إلى حين فصاله ﴿وَفِصالُهُ﴾ وقطعه من الرضاع كائن ﴿فِي﴾ آخر ﴿عامَيْنِ﴾ من ولادته.
وقلنا له : ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي﴾ أيّها الانسان بالقيام بوظائف عبوديتي ﴿وَ﴾ اشكر ﴿لِوالِدَيْكَ﴾ بالبرّ والإحسان والاشفاق والتوفيق ، لكونهما سببين لوجودك ، وربّياك في الظاهر.
عن الرضا عليهالسلام في حديث «وأمر بالشّكر له وللوالدين ، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله»(٥).
وعنه عليهالسلام : « من لم يشكر المنعم من المخلوقين ، لم يشكر الله عزوجل» (٦) .
واعلم أنّه بعد الخروج من الدنيا ﴿إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ والمرجع ، فاجازي الشاكر بالثواب العظيم ، والكفور بالعذاب الأليم.
وعن الصادق عليهالسلام : « جاء رجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله ، من أبرّ ؟ قال : امّك. قال : ثمّ من ؟ قال : امّك. قال : ثمّ من ؟ قال : امّك. قال : ثمّ من ؟ قال : أباك » (٧).
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٧٧.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٧٧.
(٣) الكافي ٢ : ٢٤٨ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٣.
(٤) في النسخة : وأحبلت.
(٥) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٥٨ / ١٣ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٣.
(٦) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٤ / ٢ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٤.
(٧) الكافي ٢ : ١٢٧ / ٩ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٤.