هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ *وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ
لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٦) و (٧)﴾
ثمّ شرع في ذمّ المشركين الصادّين عن سبيل الله بقوله : ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ وبعضهم ﴿مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ ويترك استماع القرآن وقراءته اللتين (١) فيهما كلّ خير ، ويستبدلهما باستماع ما لا خير فيه من الكلام كأساطير الأولين وقصص رستم وإسفنديار.
قيل : نزلت في النّضر بن الحارث بن كلدة الذي قتله النبي صلىاللهعليهوآله صبرا بعد وقعة بدر (٢) .
روي أنّه ذهب إلى فارس للتجارة ، فاشترى كتاب ( كليلة ودمنة ) و( أخبار رستم وإسفنديار ) و( أحاديث الأكاسرة ) فجعل يحدّث بها قريشا في أنديتهم ويقول : إنّ محمّدا يحدّثكم بعاد وثمود ، وأنا أحدّثكم بحديث رستم وإسفنديار ، فيستملحون حديثه ، ويتركون استماع القرآن (٣) ، وكان عمله ذلك ﴿لِيُضِلَ﴾ الناس ويصرفهم ﴿عَنْ﴾ سلوك ﴿سَبِيلِ اللهِ﴾ والدخول في دينه الحقّ ، ويمنعهم بتلك الخرافات عن قراءة كتابه الهادي إلى المصالح الدنيوية والاخروية ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ بضرر ما يشتريه وبالمعاملة الرابحة ، ومع ذلك يسخر بسبيل الله ﴿وَيَتَّخِذَها هُزُواً﴾
وعن الصادق عليهالسلام في تفسير لهو الحديث قال : « هو الطعن في الحقّ ، والاستهزاء به ، وما كان أبو جهل وأصحابه يجيئون به » إلى أن قال : « ومنه الغناء » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام : « الغناء ممّا أوعد الله عليه النار وتلا هذه الآية » (٥) .
وعنه أنّه سئل عن كسب المغنّيات فقال : « التي يدخل عليها الرجال حرام ، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس ، وهو قول الله عزوجل : ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ الآية (٦) وعليه جمع المفسرين ، كابن عباس وابن مسعود وغيرهما » (٧) .
وعن مجاهد : أنّ الآية نزلت في الذين يشترون المغنيات ويصرفون الناس عن استماع القرآن بألحانهنّ (٨) .
وعن الزمخشري : أنّ بعض قريش يشترون المغنيات ، فاذا أطّلعوا أن أحدا أراد قبول الاسلام طلبوه وأطعموه الطعام ، وسقوه الشراب ، وأمروا المغنيات يغنّين له ، ثم قالوا : هذا خير ممّا يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام والقتال بين يديه (٩) .
__________________
(١) في النسخة : التي.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٦٥.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٦٥.
(٤) مجمع البيان ٨ : ٤٩٠ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٠.
(٥) الكافي ٦ : ٤٣١ / ٤ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٠.
(٦) الكافي ٥ : ١١٩ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ١٤٠.
(٧) مجمع البيان ٨ : ٤٩٠.
(٨) الدر المنثور ٦ : ٥٠٧.
(٩) الكشاف ٣ : ٤٩٠.