في تفسير سورة لقمان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿الم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ * هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ * الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولئِكَ عَلى هُدىً
مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١) و (٥)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الروم ببيان عظمة القرآن وإعجازه بقوله : ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنا﴾ إلى آخره ، وتكذيب الكفّار له ، وأمره تعالى نبيّه بالصبر على تكذيبهم واستهزائهم به ، اردفت بسورة لقمان المبدوءة بذكر عظمة القرآن وكونه هدى ورحمة ، وإعراض المشركين عنه وتكذيبهم إياه ، وذكر وصايا لقمان الحكيم وأمره بالصبر ، فابتدأها بذكر أسمائه المباركة بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ افتتحها بالحروف المقطّعة بقوله : ﴿الم﴾ جلبا لتوجّه الناس إلى ما بعدها من ذكر عظمه القرآن وإعجازه بقوله : ﴿تِلْكَ﴾ السورة والآيات ﴿آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ﴾ والقرآن المتضمّن للعلوم الكثيرة والحكم الوفيرة ، أو المحكم المصون من التغيير والتبديل ، والمحروس من الفساد والبطلان ، حال كون الآيات ﴿هُدىً﴾ ورشادا من الضلالة ﴿وَرَحْمَةً﴾ وسببا للارتقاء بالمراتب العالية من الكمالات الانسانية ، والدرجات الرفيعة من الجنة ﴿لِلْمُحْسِنِينَ﴾ إلى أنفسهم باختيار العقائد الصحيحة ، وارتكاب الأعمال الصالحة ، وهم ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ التي هي عمود دينهم ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ التي هو ركن الاسلام ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ﴾ ودار جزاء الأعمال ﴿هُمْ يُوقِنُونَ﴾ ولا يشكّون فيها ﴿أُولئِكَ﴾ المحسنون المتّصفون بالصفات الجليلة مستولون ﴿عَلى هُدىً﴾ ورشاد حاصل ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ اللطيف بهم وطريق بيّنه الله لهم ووفّقهم لسلوكه.
ثمّ وعدهم بأفضل الجزاء بقوله : ﴿وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ والفائزون بأعلى المقاصد ، والناجون من جميع المهالك والمكارة ، لاستجماعهم العقيدة الحقة والأعمال الصالحة.
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها