الاستدراك(١).
وقد وردت في خطبة الزهراء عليهاالسلام (ألا وقد قلت ما قلت على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ، ولكنّها فيضة النفس ونفثة الغيظ)(٢).
الزهراء عليهاالسلام أرادت أن توضّح للمتلقّي وللمستمع آنذاك معرفتها بالنفوس ؛ فهي قالت الذي قالته (على معرفة) ، من خذلان خامر نفوسهم المريضة ، واستعملت عليهاالسلام مادّة (المخامرة) ، لتدلّل على أمرين :
١ ـ تمام الاختلاط ، اختلاط نفوسهم بالباطل.
٢ ـ معرفة ما يعتري النفس من بواطن الأمور وخفاياها.
وهما أمران متوازيان يسيران متحاذيين ، لتدلّل لنا على معرفتها بالنفوس ، وبالتالي عصمتها التشريعية والمكتسبة التي تتيح لها ذلك ، فالمعصوم هو الوحيد الذي يعلم ما هي خوالج النفس(٣).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) انظر : مغني اللبيب : ١/٢٩١ ، الجنى الداني : ٥٩١.
(٢) الاحتجاج : ١/١٣٧ ، البحار : ٢٩/٢٢٥.
(٣) أمّا عصمة الزهراء عليها السلام ، فهي ثابتة بالنقل الصحيح الثابت عن الرسول(ص) ، وبنصّ القرآن الكريم ، وهي من ضروريّات المذهب وثوابته وبديهي أن لا تعرف العصمة إلا بالنقل ، لأنّ الأوامر والزواجر الإلهية لا تنحصر بأعمال الجوارح الظاهرية ، بل تتعدّاها إلى القلب والنفس والروح ، وإلى صياغة مواصفات الإنسان ، ومشاعره وأحاسيسه ، مثل الشجاعة والكرم والحسد ، والحبّ والبغض ، والإيمان والنفاق ، والنوايا وغير ذلك ممّا لا سبيل لنا للاطّلاع عليه بغير النقل عن المعصوم. مأساة الزهراء : ١/٦٥.