«وجواب آخر وهو أنّه قد يجوز أن يظهر معجزاً يدلّ على ذلك ، وهذا الجواب الثاني هو الذي نعتمد عليه ، ونجيب الخصوم به ، وإن كان الأوّل صحيحاً»(١).
إنّ الإشكال الذي طُرح هنا هو حول كيفية معرفة صاحب العصر (عج) من قبل الناس عند ظهوره ، وقد ذكر ابن قبة جوابين عن هذا الإشكال ، والإجابة الثانية التي يعتمدها في الردّ على المخالفين هو أنّ إمام العصر (عج) يمكنه أن يعرّف نفسه للناس من خلال إظهار المعجزة.
وعندما كان ابن قبة منشغلاً بتأليف كتابه كان هناك إجابة مفترضة عن الإشكال المتقدّم وهي الإجابة التي ذكرها كجواب أوّل ، وقد استند إليها المحقّق المعاصر في غير محلّه ، في حين أنّ هذا الجواب ليس دليلاً على أنّ الناس لم يكونوا يحتملون أن تطول غيبة إمام العصر (عج) ، بل إنّ طرح مثل هذا الجواب هو للإجابة عن مجرّد احتمال أن لا تمتدّ غيبته لفترة طويلة ، وأنّه سيظهر في عصر أولئك الكبار والمعمّرين من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليهالسلام.
وبعبارة أخرى : تمّ الخلط في هذا الاستدلال المذكور بين أمرين :
الأوّل : إنّ الناس في ذلك العصر كانوا يعتقدون أنّ غيبة إمام العصر (عج) لن تمتدّ لفترة طويلة جدّاً.
الثاني : إنّ الناس في تلك الحقبة كانوا يحتملون عدم استمرار غيبة صاحب الأمر (عج) لفترة طويلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) المصدر أعلاه ، ص١٨٦.