لأنّ الجمهور منهم من يقول في الخلف : أين هو؟ وأنّى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ وله الآن نيّفٌ وثمانون سنة! فمنهم من يذهب إلى أنّه ميّت ، ومنهم من ينكر ولادته ، ويجحد وجوده بواحدة ، ويستهزئ بالمصدّق به ، ومنهم من يستبعد المدّة ويستطيل الأمد ، ولا يرى أن الله في قدرته ونافذ سلطانه وماضي أمره وتدبيره قادرٌ على أن يمدّ لوليّه في العمر كأفضل ما مدّه ويمدّه لأحد من أهل عصره وغير أهل عصره ، ويظهر بعد مضيّ هذه المدّة وأكثر منها»(١).
ثمّ أخذ النعماني بعد ذلك بالإجابة عن شبهة طول عمر الإمام (عج) بإجابتين. ولكنّا قبل الدخول في بيان الجواب الأوّل نسترعي انتباه القارئ إلى أنّ عمر صاحب العصر والزمان (عج) عند مباشرة النعماني تأليف كتابه كان قد بلغ حدّاً تجاوز الحدّ الطبيعي لأعمار سائر الناس ، ومن هنا طرحت الشبهة في عمره الشريف ، ولكن حيث إنّ عمر الإمام في حينها لم يتجاوز عمر كبار المعمّرين في ذلك الوقت ، كان من الطبيعي للنعماني أن يجيب في بعض جوابه من خلال التمثيل بأنّ هناك الكثير من المعاصرين له قد تجاوزت أعمارهم المئة سنة ومع ذلك يتمتّعون بقوى جسدية وصحّة كاملة.
بيد أنّ هذه الإجابة إنّما كانت إجابة مرحلية ؛ إذ لم يكن هناك ما يضمن ظهور الإمام الحجّة (عج) في القريب العاجل ، وقد كان النعماني مدركاً بأنّ عمر الإمام سيتجاوز الأعمار الطبيعية ، من هنا فإنّه يجيب عن تلك الشبهة بشكل جوهريّ إذ يقول : ما هو المانع من اعتبار طول عمر الإمام المنتظر من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) غيبة النعماني ، ص١٥٧.