الروايات المستفيضة التي وردت في غيبة الإمام ، والتمهيدات الكثيرة التي قام بها الأئمّة عليهمالسلام في هذا الشأن من أجل إعداد الناس لهذه المرحلة(١) ، نجد ردّة عن الحقّ من قبل الكثير من الشيعة ، حيث مالوا إلى التيّارات المنحرفة بمجرّد حدوث الغيبة. وعلى حدّ تعبير النعماني : «فإنّنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيّع ، المنتمية إلى نبيّها محمّد (صلى الله عليه وآله) ممّن يقول بالإمامة ... قد تفرّقت كلمها ، وتشعّبت مذاهبها ... فطار بعضها علوّاً [غلوّاً] ، وانخفض بعضها تقصيراً ، وشكّوا جميعاً إلاّ القليل في إمام زمانهم ووليّ أمرهم وحجّة ربّهم»(٢). وقد أكّد النعماني على هذه الحقيقة مراراً ، وهي أنّه لم يثبت على منظومة الإمامة والوفاء لإمامة إمام العصر (عج) من أدعياء التشيّع غير النزر اليسير(٣).
بيد أنّ النعماني لا يذكر أسماء هذه الفرق والتيارات المنحرفة بشكل صريح ، وإنّما يكتفي بالإشارة إلى بعضها فقط.
وفي موضع من الكتاب بعد ذكره لعدد من الروايات أضاف قائلاً : «وهذه الأحاديث دالّة على ما قد آلت إليه أحوال الطوائف المنتسبة إلى التشيّع ممّن خالفوا الشرذمة المستقيمة على إمامة الخلف بن الحسن بن عليّ عليهالسلام ؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) ومن جملة ما قام به الأئمّة عليهمالسلام في هذا الاتّجاه ، التأسيس لنظام الوكالة ، والارتباط غير المباشر بين الناس والأئمّة عليهمالسلام ، وعدم إعطاء إجابات واضحة عن الأسئلة الدينية ، وإحالة السائل إلى الروايات المروية عن الأئمة السابقين مع بيان كيفية حلّ الروايات المتعارضة و ....
(٢) غيبة النعماني ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، ص٢٠ ـ ٢١.
(٣) غيبة النعماني ، ص٢٦ ، ٢٧ ، ١٥٧ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٨٦.