فرق بين من حمل نفسه عليه ، وبين من قال : بل الواجب القطع على أنّ الفعل الّذي تعقّبه الحال أو (١) الظّرف (٢) هو العامل ، دون ما تقدّمه (٣) ، وإنّما يعلم في بعض المواضع أنّ الكلّ عامل بدليل.
وقد استدلّ أبو حنيفة وأصحابه بأشياء :
أوّلها أنّ الاستثناء إنّما وجب تعليقه بما (٤) تقدّمه ، من حيث لم يكن مستقلا بنفسه ، ولو استقلّ بنفسه (٥) ، لما علّق بغيره ، ومتى علّقناه بما يليه ، استقلّ ، وأفاد ، فلا (٦) معنى لتعليقه بما بعد عنه ، لأنّه لو جاز مع إفادته واستقلاله أن يعلّق بغيره ، لوجب فيه (٧) لو كان مستقلا بنفسه ـ أن يعلّقه بغيره (٨).
وثانيها أنّ من حقّ العموم المطلق أن يحمل على عمومه وظاهره إلاّ لضرورة تقتضي (٩) خلاف ذلك ، ولمّا خصّصنا الجملة الّتي يليها الاستثناء بالضّرورة ، لم يجز تخصيص غيرها ، ولا ضرورة.
وثالثها (١٠) أنّه لا خلاف في أنّ الاستثناء من الاستثناء يرجع إلى ما يليه دون ما تقدّمه ، لأنّ القائل إذا قال : « ضربت غلماني إلاّ ثلاثة ،
__________________
(١) ب : و.
(٢) ب : الطرف.
(٣) ج : تقدم.
(٤) الف : + يليه دون ما.
(٥) ج : ـ ولو استقل بنفسه.
(٦) الف : ولا.
(٧) ب : ـ فيه.
(٨) ج : ـ لوجب ، تا اينجا.
(٩) ب وج : يقتضى.
(١٠) ب : ثانيها.