وإنّما لا يجوز أن يريد باللّفظة الواحدة (١) الأمر والنّهى ، لتنافي موجبيهما ، لأنّ الأمر يقتضى إرادة المأمور به ، والنّهى يقتضى كراهة (٢) المنهيّ عنه ، ويستحيل أن يكون مريدا كارها للشّيء الواحد على الوجه الواحد. وكذلك لا يجوز أن يريد باللّفظة الواحدة الاقتصار على الشّيء وتعدّيه ، لأنّ ذلك يقتضى أن يكون مريدا للشّيء وأن لا يريده.
وقولهم لا (٣) يجوز أن يريد باللّفظة الواحدة استعمالها فيما وضعت له والعدول بها (٤) عمّا وضعت له ، ليس بصحيح ، لأنّ المتكلّم بالحقيقة والمجاز ليس يجب أن يكون قاصدا إلى ما وضعوه وإلى (٥) ما لم يضعوه ، بل يكفي في كونه متكلّما بالحقيقة ، أن يستعملها فيما وضعت له في اللّغة ، وهذا القدر كاف في كونه (٦) متكلّما باللّغة ، من غير حاجة إلى قصد استعمالها فيما وضعوه. وهذه الجملة كافية في إسقاط (٧) الشبهة.
واعلم أنّ الغرض في أصول الفقه التي بيّنّا أنّ مدارها إنّما (٨) هو على الخطاب ـ وقد ذكرنا مهمّ (٩) أقسامه ، وما لا بدّ منه من أحواله. ـ لمّا كان لا بدّ فيه من (١٠) العلم بأحكام الأفعال ، ليفعل ما يجب فعله ، ويجتنب
__________________
(١) ب وج : باللفظ الواحد.
(٢) ب وج : كراهية.
(٣) ب : الا.
(٤) ب : ـ بها.
(٥) ب : ولا.
(٦) ب : ـ القدر كاف في كونه.
(٧) ب : ـ الجملة كافية في إسقاط ، وج : + هذه.
(٨) ب وج : ـ انما.
(٩) ج : مهمهم.
(١٠) ب وج : ـ لا بد فيه من.