والنجف ، وجميع مدن العراق ، وعطّلت الحكومة آنئذ دوائرها وجميع الأشغال والأعمال ، حداداً على فقد هذا الراحل العظيم ، الذي بكته القلوب قبل العيون ، وانشقّت عليه الأكباد قبل الجيوب ، وسرى منعاه في أرجاء العراق خاصّة ، والبلاد العربية عامّة ، وشيّع جثمانه الطاهر إلى النجف باحتفال باهر ، بعد إن حمل على المناكب والعواتق ، ومشى المشيّعون خلف نعشه على اختلاف طبقاتهم ، وكان عددهم يناهز التسعين ألفاً بل أكثر(١) ، ولمّا وصل نعشه إلى النجف تلقّاه الجمهور كبيره وصغيره ، فساروا به محمولاً على الرؤوس ، وبعد أن صلّى عليه شقيقه العلاّمة الكبير الشيخ محمّد الحسين(٢) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) كان والده الشيخ علي حيّاً موجوداً وهو المعزّى ، حيث أقيمت له الفواتح في العديد من المدن ، وقد أعقب أربعة أولاد وهم كلٌّ من محمّد وعبّاس ونوري وباقر. ينظر : معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء ، ج١ /٨٩.
(٢) محمّد الحسين كاشف الغطاء ولد في النجف الأشرف (١٢٩٤ هـ ـ ١٨٧٦م) ، كان معروفاً بسعة علمه واجتهاده ، قصده العديد من طلبة العلم لحضور دروسه والاغتراف من علمه ، أسهمت أجواء النجف العلمية في بناء شخصيته ، كان كاتباً متميّزاً ، تنوّعت مصادر دراسته ، لم يكتف بدراسة مقدّمات العلوم من نحو وصرف ومنطق ، بل اتّجه لدراسة الفلسفة والحساب والفلك وعلم الكلام ، كان من أعضاء المؤتمر الإسلامي في القدس (١٣٥٠هـ) ، توفّي في إيران (١٣٧٣هـ ـ ١٩٥٤م) ، له العديد من المؤلّفات التي حصلت على شهرة واسعة منها : (جنّة المأوى ، العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ، الدين والإسلام). ينظر : الذريعة ، ١٠ /١١٢ ـ ١١٣ ، الأعلام ٦/١٠٦ ـ ١٠٧ ، معجم المطبوعات العربية ، ٢/١٦٤٩ ، معجم المؤلّفين ٩/٢٥ ، الاتّجاهات الإصلاحية في النجف (١٩٣٢ ـ ١٩٤٥م) ، ص٥ ـ ٩ ؛ النجف الأشرف والمرجعية الدينية ، ص١٤٤.