ولم يجد رفاعة بن شدّاد بدّاً من الانسحاب بعد استشهاد غالبية أصحابه ، فلما جنَّ الليل عليهم انسحب ببقيّتهم ليأسهم من تحقيق انتصار على جيش ابن زياد.
حميد في ثورة المختار :
يبدو أنّ حميداً كان على صلة بالمختار قبل التحاقه بثورة التوّابين ، بل زاره قبل خروج سليمان بأيّام وحدّث سليمان أنّه يثبّط الناس عن الالتحاق به ، وأنّ أصحابه بلغ عددهم ألفين(١).
وبعد نجاته من معركة عين الحلوة التحق بالمختار ، فزاره في سجنه ، وسمعه يقول : «أما وربِّ البحار والنخيل والأشجار والمهامة والقفار والملائكة الأبرار والمصطفين الأخيار لأقتلنّ كلَّ جبّار بكلِّ لدن خطّار ، ومهنّد بتّار ، في جموع من الأنصار ، ليسوا بميل أغمار ولا بعزل أشرار ، حتّى إذا أقمت عمود الدين ، ورأيت شعب صدع المسلمين ، وشفيت غليل صدور المؤمنين ، وأدركت بثأر النبيّين ، لم يكبر عليّ زوال الدنيا ، ولم أحفل بالموت إذا أتى ، قال : وكنَّا إذا أتيناه وهو في السجن ردّد علينا هذا القول»(٢).
وبعد خروج المختار من سجنه اتّفق مع أنصاره أن يكون موعد الثورة ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأوّل سنة ستّ وستّين ، ولكن المقادير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تاريخ الطبري ٤/٤٥٢.
(٢) المصدر السابق ٤/٤٥٠ ، وينظر أيضاً البحار ٤٥/٣٥٧.