جرت بالطريق الذي رسم لها ، ففي يوم الإثنين خرج إبراهيم بن مالك الأشتر بعد صلاة المغرب يريد المختار في رفقة كتيبة من أصحابه فيهم حميد ، فاصطدم بإياس بن مضارب قائد شرطة والي ابن الزبير ، فكان الانتصار الذي أدّى إلى تردّد صدى شعار (يا لثارات الحسين) في أرجاء الكوفة(١) مرة ثانية ، إذ كانت الأولى عند خروج التوّابين.
وروى أبو مخنف قال حدّثني الوالبي قال : «خرجت أنا وحميد بن مسلم والنعمان بن أبي الجعد إلى المختار ليلة خرج فأتيناه في داره وخرجنا معه إلى معسكره ، قال : فوالله ما انفجر الفجر حتّى فرغ من تعبئته ، فلمّا أصبح استقدم فصلّى بنا الغداة بغلس ثمّ قرأ والنازعات ، وعبس وتولّى ، قال : فما سمعنا إماماً أمّ قوماً أفصح لهجة منه»(٢).
وما إن حقّق المختار النصر على والي ابن الزبير حتّى استسلم أصحابه ، وعاهدوه على عدم الخروج عليه أو نصرة أعدائه ، ولكن ما إن أرسل إبراهيم بن مالك الأشتر بجيش لقتال عبيد الله بن زياد حتّى قرّر أعداء المختار كشبث بن ربعي وشمر بن ذي الجوشن ومحمّد بن الأشعث اغتنام الفرصة للقضاء على المختار ، واستطاع هذا النفر إقناع عبد الرحمن بن مخنف بالخروج معهم ، ولم يكن من رأيه الخروج ، فخرج ، وقد أصيب ابن مخنف إصابة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تاريخ الطبري ٤/٤٩٦ ، وذوب النضار ١٠١
(٢) تاريخ الطبري ٤/٤٩٩ ـ ٥٠٠.