مهمّة بين طيّاته ، وفيه فوائد كبيرة ينبغي للباحث المدقّق أن يقف عندها ، وأن يحاول الإفادة من مدلولاتها التاريخية ، والفكرية ، والعقدية ، ويمكننا أن نسجّل ما فيه من فوائد ومباحث وإشارات على شكل نقاط :
الفائدة الأولى : كونه من دلائل النبوة :
اتّضح في المقطع السابق من البحث أنّ هذا الحديث الشريف مستفيض أو متواتر ، وهذا يعني أنّه ثابت بالقطع واليقين ، وأنّ صدوره من فم رسول الله(صلى الله عليه وآله) أمر مفروغ منه عند أهل البحث والتحقيق ، وعليه فهو واحد من دلائل النبوة الكثيرة التي تشهد بصدق نبيّنا الصادق الأمين ، وصحّة نبوّته ورسالته ، وصدق دعواه ، وصلاح شريعته ، لأنّ الحديث فيه إخبار بالغيب ، وتنبّؤ عن حدث سوف يقع في مستقبل الأيّام ، فالمدّة الزمنية التي تمتدّ ما بين صدور هذا الحديث وبين وقوع (حروب التأويل) تربو على خمسة وعشرين عاماً ، وهذا يعني أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا ينطق من نفسه ، ولا يتكلّم عن تكهّن أو تحليل للأحداث ، وإنّما ينطق بلسان الوحي المبين ، ويُفرغ عن إخبار ربّ العالمين ، ومثل هذه الدلالات كثيرة في أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله).
وتصديقاً لما ذكرنا فإنّ أحمد بن الحسين البيهقي (ت ٤٥٨هـ) جعل هذا الحديث من دلائل النبوّة ، فرواه في كتابه الكبير دلائل النبوّة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة بطرق مختلفة ، قال : «أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن ابن عبيد الله الجرفي ببغداد ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي