وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥)
____________________________________
(٢٢) (وَلَمَّا تَوَجَّهَ) قصد بوجهه (تِلْقاءَ مَدْيَنَ) نحوها (قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) قصد الطّريق ، وذلك أنّه لم يكن يعرف الطّريق.
(٢٣) (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) وهو بئر كانت لهم (وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً) جماعة (مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) مواشيهم (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) تحبسان غنمهما عن الماء حتى يصدر مواشي النّاس (قالَ) موسى لهما : (ما خَطْبُكُما)؟ ما شأنكما لا تسقيان مع النّاس؟ (قالَتا لا نَسْقِي) مواشينا (حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) عن الماء ، لأنا لا نطيق أن نستقي وأن نزاحم الرّجال ، فإذا صدروا سقينا من فضل مواشيهم (وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) لا يمكنه أن يرد وأن يستقي.
(٢٤) (فَسَقى لَهُما) أغنامهما من بئر أخرى رفع عنها حجرا كان لا يرفعه إلّا عشرة أنفس (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) أي : إلى ظلّ شجرة (فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ) طعام (فَقِيرٌ) محتاج ، وكان قد جاع فسأل الله تعالى ما يأكل ، فلما رجعتا إلى أبيهما أخبرتاه بما فعل موسى ، فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه ، فذلك قوله :
(٢٥) (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما) أخذت (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) مستترة بكمّ درعها (قالَتْ : إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) أخبره بأمره والسّبب الذي أخرجه من أرضه (قالَ : لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) يعني : من فرعون وقومه ؛ فإنّه لا سلطان له بأرضنا.