فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠)
____________________________________
(فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ) هذا توبيخ للكفّار ، كقوله لعيسى عليهالسلام : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)(١)؟!
(١٨) (قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) أن نوالي أعداءك ، وفي هذا براءة معبوديهم منهم (وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) في الدّنيا بالصّحة والنّعمة (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) تركوا ما وعظوا به (وَكانُوا قَوْماً بُوراً) هلكى بكفرهم.
(١٩) (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) بقولكم : إنّهم كانوا آلهة (فَما تَسْتَطِيعُونَ) يعني : الآلهة (صَرْفاً) للعذاب عنكم (وَلا نَصْراً) لكم (وَمَنْ يَظْلِمْ) أي : يشرك (مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً).
(٢٠) (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ ...) الآية. هذا جواب لقولهم : (ما لِهذَا الرَّسُولِ ...) الآية. أخبر الله سبحانه أنّ كلّ من خلا من الرّسل كان بهذه الصّفة (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) الصّحيح للمريض ، والغنيّ للفقير فيقول الفقير : لو شاء الله لأغناني كما أغنى فلانا ، ويقول المريض : لو شاء الله لعافاني كما عافى فلانا ، وكذلك كلّ النّاس مبتلى بعضهم ببعض ، فقال الله تعالى : (أَتَصْبِرُونَ) على البلاء؟ فقد عرفتم ما وعد الصّابرون (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) بمن يصبر ، وبمن يجزع.
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ١١٦.