كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا
____________________________________
الحجج يخطف قلوبهم من شدّة إزعاجها إلى النّظر في أمر دينهم (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) : كلّما سمعوا شيئا ممّا يحبّون صدّقوا ، وإذا سمعوا ما يكرهون وقفوا ، وذلك قوله عزوجل : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) أي : بأسماعهم الظّاهرة ، وأبصارهم الظّاهرة ، كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة حتى صاروا صمّا عميا ، فليحذروا عاجل عقوبة الله سبحانه وآجلها ، ف (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من ذلك.
(٢١) (يا أَيُّهَا النَّاسُ) يعني : أهل مكّة (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) : اخضعوا له بالطّاعة (الَّذِي خَلَقَكُمْ) : ابتدأكم ولم تكونوا شيئا (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [آباءكم](١) [وخلق الذين من قبلكم](٢). أي : إنّ عبادة الخالق أولى من عبادة المخلوق وهو الصّنم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لكي تتقوا بعبادته عقوبته أن تحلّ بكم.
(٢٢) (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) بساطا ، لم يجعلها حزنة غليظة لا يمكن الاستقرار عليها (وَالسَّماءَ بِناءً) سقفا (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ) يعني : حمل الأشجار وجميع ما ينتفع به ممّا يخرج من الأرض (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) : أمثالا من الأصنام التي تعبدونها (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّهم لا يخلقون ، والله هو الخالق ، وهذا احتجاج عليهم في إثبات التّوحيد ، ثمّ احتجّ عليهم في إثبات نبوّة محمّد صلىاللهعليهوسلم بما قطع عذرهم به ، فقال :
(٢٣) (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا) [أي : وإن كنتم](٣) في شكّ من صدق هذا الكتاب
__________________
(١) زيادة من ظ.
(٢) زيادة من ظا.
(٣) زيادة من ظا.