وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨) وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩)
____________________________________
بعد هذا اليوم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بأنّك يوسف في وقت إخبارك إيّاهم.
(١٧) (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) نشتدّ ونعدو ليتبيّن أيّنا أسرع عدوا (وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا) ثيابنا (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) بمصدّق لنا (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) في كلّ الأشياء لأنّك اتّهمتنا في هذه القصّة.
(١٨) (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) لأنّه لم يكن دمه ، إنّما كان دم سخلة (قالَ) يعقوب عليهالسلام : (بَلْ) أي : ليس كما تقولون (سَوَّلَتْ لَكُمْ) زيّنت لكم (أَنْفُسُكُمْ) في شأنه (أَمْراً) غير ما تصفون (فَصَبْرٌ) أي : فشأني صبر (جَمِيلٌ) وهو الذي لا جزع فيه ولا شكوى (١)(وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) أي : به أستعين في مكابدة هذا الأمر.
(١٩) (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) رفقة تسير للسّفر (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ) وهو الذي يرد الماء ليستقي للقوم (فَأَدْلى دَلْوَهُ) أرسلها في البئر ، فتشبّث يوسف عليهالسلام بالرّشاء (٢) فأخرجه الوارد ، فلمّا رآه (قالَ يا بُشْرى) أي : يا فرحتا (هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) أسرّه الوارد ومن كان معه من التّجار من غيرهم ، وقالوا : هذه بضاعة استبضعها بعض أهل الماء (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) بيوسف ، فلمّا علم
__________________
(١) أخرج ابن جرير ١٢ / ١٦٦ عن حبان بن أبي جبلة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم سئل عن قوله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)؟ قال : صبر لا شكوى فيه. وهذا حديث مرسل.
(٢) الرشاء : حبل الدلو.