إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣) إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ
____________________________________
إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ) السّفن (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) يعني : وجرت السّفن بمن ركبها في البحر (بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) رخاء ليّنة (وَفَرِحُوا) بتلك الرّيح للينها واستوائها (جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) شديدة (وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ) وهو ما ارتفع من الماء (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) من البحر (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) دنوا من الهلاك (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) تركوا الشّرك وأخلصوا لله الرّبوبيّة ، وقالوا (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ) الرّيح العاصفة (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) الموحّدين الطّائعين.
(٢٣) (فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) يعملون بالفساد والمعاصي والجرأة على الله. (يا أَيُّهَا النَّاسُ) يعني : أهل مكّة (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي : بغي بعضكم على بعض (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي : ما ينالونه بهذا الفساد والبغي إنّما يتمتّعون به في الحياة الدّنيا (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ).
(٢٤) (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا) يعني : الحياة الفانية في هذه الدّار (كَماءٍ) كمطر (أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ) بذلك المطر وبسببه (نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ) من البقول والحبوب والثّمار (وَالْأَنْعامُ) من المراعي والكلأ (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها) زينتها وحسنها (وَازَّيَّنَتْ) بنباتها (وَظَنَ) أهل تلك الأرض (أَنَّهُمْ قادِرُونَ) على حصادها والانتفاع بها (أَتاها أَمْرُنا) عذابنا (فَجَعَلْناها حَصِيداً) لا شيء فيها (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ) لم تكن بالأمس (كَذلِكَ)