فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢)
____________________________________
الخلق سمّته عبد الحارث ، فرضي آدم (١) ، فذلك قوله :
(١٩٠) (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) ولدا سويّا (جَعَلا لَهُ) لله (شُرَكاءَ) يعني : إبليس ، فأوقع الواحد موقع الجميع. (فِيما آتاهُما) من الولد إذ سمّياه عبد الحارث ، ولا ينبغي أن يكون عبدا إلّا لله ، ولم تعرف حوّاء أنّه إبليس ، ولم يكن هذا شركا بالله ، لأنّهما لم يذهبا إلى أنّ الحارث ربّهما ، لكنهما قصدا إلى أنّه كان سبب نجاته ، وتمّ الكلام عند قوله : (آتاهُما) ، ثمّ ذكر كفّار مكة ، فقال : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
(١٩١) (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) يريد : أيعبدون ما لا يقدر أن يخلق شيئا وهم مخلوقون! عنى الأصنام.
(١٩٢) (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) لا تنصر من أطاعها (وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) ولا يدفعون عن أنفسهم مكروه من أرادهم بكسر أو نحوه ، ثمّ خاطب المؤمنين فقال :
__________________
(١) أخرجه ابن جرير ٩ / ١٤٥ عن سعيد بن جبير ، وذكره المؤلف في الأسباب ص ٢٦٣ عن مجاهد. وأخرجه الترمذي عن سمرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : لمّا حملت حواء طاف بها إبليس ، وكان لا يعيش لها ولد ، فقال : سمّيه عبد الحارث ، فسمّته عبد الحارث فعاش ، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره. وقال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلّا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة. قال ابن العربي : وهذا كلّه على قول من يرى أنّ الآية نزلت في آدم وحواء ، ومن يرى أنّها في جميع الآباء والأبناء أشار إلى ما كان ينسب العبودية في أبنائهم إلى الأصنام ، وعليه انبنى آخر الآية في قوله : (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً ...) إلى آخرها. عارضة الأحوذي ١١ / ٢٠٠. وقال بيان الحق النيسابوري : ومن حمل الآية على آدم وحواء قدّر في قوله : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) حذفا ، أي : جعل ذريتهما ، كما تقول : فعلت تغلب ، أي : بنو تغلب ، ولذلك قال : (فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ). وضح البرهان ١ / ٣٧٤.