أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦٩) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١) وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا
____________________________________
حرصهم على الدّنيا (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) وأكّد الله عليهم في التوراة ألا يقولوا على الله إلّا الحق فقالوا الباطل ، وهو قولهم : (سَيُغْفَرُ لَنا) وليس في التّوراة ميعاد المغفرة مع الإصرار (وَدَرَسُوا ما فِيهِ) أي : فهم ذاكرون لما أخذ عليهم من الميثاق ؛ لأنّهم قد قرءوه.
(١٧٠) (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) يؤمنون به ويحكمون بما فيه. يعني : مؤمني أهل الكتاب (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) التي شرعها محمد صلىاللهعليهوسلم (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) منهم.
(١٧١) (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ) رفعناه باقتلاع له من أصله. يعني : ما ذكرنا عند قوله : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ...)(١) الآية. (وَظَنُّوا) وأيقنوا (أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) إن خالفوا ، وباقي الآية مضى فيما سبق (٢).
(١٧٢) (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)(٣) أخرج الله تعالى ذريّة آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما يتوالد الأبناء من الآباء ، وجميع ذلك أخرجه من صلب آدم مثل الذّرّ ، وأخذ عليهم الميثاق أنّه خالقهم ، وأنّهم مصنوعون ، فاعترفوا بذلك وقبلوا ذلك بعد أن ركّب فيهم عقولا ، وذلك قوله : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) أي : قال : ألست بربكم (قالُوا بَلى) فأقرّوا له بالربوبيّة ، فقالت الملائكة عند ذلك (شَهِدْنا) أي : على إقراركم (أَنْ) لا
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٦٣.
(٢) انظر ص ١١٠.
(٣) قرأ «ذرّياتهم» بالجمع : نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو جعفر ، ويعقوب.