وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣) أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ
____________________________________
بالصّدق والنّبوّة (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ) وجمعنا عليهم (كُلَّ شَيْءٍ) في الدّنيا (قُبُلاً) و (قُبُلاً)(١) أي : معاينة ومواجهة (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) لما سبق لهم من الشّقاء (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أن يهديهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) أنّهم لو أوتوا بكلّ آية ما آمنوا.
(١١٢) (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) كما ابتليناك بهؤلاء القوم كذلك جعلنا لكلّ نبيّ قبلك أعداء ؛ ليعظم ثوابه ، والعدوّ هاهنا يراد به الجمع ، ثمّ بيّن من هم فقال : (شَياطِينَ الْإِنْسِ) يعني : مردة الإنس ، والشّيطان : كلّ متمرّد عات من الجنّ والإنس (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) يعني : إنّ شياطين الجنّ الذين هم من جند إبليس يوحون إلى كفار الإنس ومردتهم ، فيغرونهم بالمؤمنين ، وزخرف القول : باطله الذي زيّن ووشّي بالكذب ، والمعنى أنّهم يزيّنون لهم الأعمال القبيحة غرورا (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) لمنع الشّياطين من الوسوسة للإنس.
(١١٣) (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ) ولتميل إلى ذلك الزّخرف والغرور (أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) قلوب الذين لا يصدّقون بالبعث (وَلِيَرْضَوْهُ) ليحبّوه (وَلِيَقْتَرِفُوا) ليعملوا ما هم عاملون.
(١١٤) (أَفَغَيْرَ اللهِ) أي : قل لأهل مكّة : أفغير الله (أَبْتَغِي حَكَماً) قاضيا بيني وبينكم (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ) القرآن (مُفَصَّلاً) مبيّنا فيه أمره ونهيه (وَالَّذِينَ
__________________
(١) قرأ «قبلا» نافع ، وابن عامر ، وأبو جعفر ، والباقون «قبلا». الإتحاف ص ٢١٥.